أخبار العالم

افتتاح المتحف المصري الكبير يعيد استعادة نفرتيتي إلى الواجهة – DW – 2025/11/6

تزامن افتتاح المتحف المصري الكبير مع تجدد الدعوات لإعادة تمثال نفرتيتي النصفي الشهير، الموجود في برلين منذ عام 1913.
إنها رمز عالمي خالد للجمال والقوة والغموض، سحرت هتلر وبيونشيه ونشطاء الربيع العربي: الملكة نفرتيتي، التي يعني اسمها “الجميلة أقبلت”، إنها واحدة من أكثر الشخصيات شهرة في العالم القديم.
الزوجة الملكية العظيمة للفرعون إخناتون الذي أحدث تحولاً جذرياً في الدين المصري من خلال الدعوة لعبادة إله الشمس الواحد، آتون، قبل أكثر من 3300 عام. 
لكن شهرة نفرتيتي الحالية تعود بشكل كبير إلى اكتشاف تمثال نصفي لها من الحجر الجيري مطلي بالجص عام 1912 من قبل فريق أثري ألماني بقيادة لودفيغ بورشاردت.
نُقل التمثال النصفي إلى برلين. واليوم، يُعد “التحفة الأبرز” في جزيرة المتاحف في برلين المدرجة على قائمة اليونسكو.

عريضة لاسترداد التمثال 

بدأت المطالبات باسترداد التمثال النصفي بعد اكتشافه بفترة وجيزة. لكن وبعد افتتاح المتحف المصري الكبير في القاهرة، اكتسبت هذه الدعوات زخماً متزايداً. ويُطلب من زوار المتحف المصري الكبير التوقيع على عريضة أطلقها العام الماضي وزير السياحة والآثار المصري الأسبق زاهي حواس. وجاء في العريضة: “على الرغم من تجاهل العديد من الدعوات لإجراء حوار جاد، وكذلك الطلبات المتكررة للاعتراف بكيفية وصول هذه القطعة الأثرية الفريدة إلى ألمانيا، فإن هذه العريضة تهدف اليوم إلى إحياء ذلك الحوار من جديد، وإلهام عودة التمثال النصفي إلى القاهرة، واستحثاث ردّ كريم من السلطات الألمانية”. وتدعو العريضة وزير الثقافة الألماني ومؤسسة التراث الثقافي البروسي إلى إيلاء هذه القضية الاهتمام.
وصرح متحدث باسم وزير الثقافة الألماني لـ DW في بيان مكتوب أن “المسائل المتعلقة بحماية الممتلكات الثقافية المصرية، بما في ذلك تمثال نفرتيتي، تقع ضمن اختصاص وزارة الخارجية الألمانية”. في الوقت نفسه، أكدت وزارة الخارجية الألمانية أنها “لم تتلقَّ أي طلب من الجهات المصرية الرسمية لإعادة تمثال نفرتيتي”، وأنها “لا علم لها بتقديم أي طلبات من هذا القبيل إلى الحكومة الألمانية”.
ولم تستجب مؤسسة التراث الثقافي البروسي لطلبات DW للتعليق، لكن موقف المؤسسة بشأن هذه القضية لم يتغير على مدى السنوات الماضية.

هل كان اقتناء تمثال نفرتيتي قانونياً؟

صرح شتفان موشلر، المتحدث باسم مؤسسة التراث الثقافي البروسي، لـ DW في بيان مكتوب في أكتوبر/ تشرين الأول 2024: “عثر على تمثال نفرتيتي النصفي أثناء أعمال تنقيب مصرح بها في مصر “. وأضاف: “وصل التمثال إلى برلين بناء على تقسيم كان متعارفاً عليه آنذاك للقطع الأثرية التي يعثر عليها”. وأضاف شتفان موشلر: “أُخرج التمثال النصفي من البلاد بشكل قانوني، ولا توجد أي مطالبة من الحكومة المصرية باسترداده”.
تنفي الباحثة والناشطة المصرية في مجال التراث مونيكا حنّا هذا الادعاء. فبحسب أبحاثها، قام لودفيغ بورشاردت عمداً، وبطريقة احتيالية، بالتقليل من قيمة التمثال النصفي عند تقسيم المكتشفات. فقد وصفه بأنه “أميرة ملكية ملوّنة”، بينما تظهر ملاحظاته المدونة الخاصة أنه كان يعلم تماماً أن التمثال يمثّل الملكة نفرتيتي. وأضاف عالم الآثار بحماس في ملاحظاته الخاصة: “الوصف لا يغني عن الرؤية”.

علاقات القوة غير المتكافئة في عصر الإمبريالية

يقول المؤرخ الألماني سيباستيان كونراد، مؤلف كتاب “صناعة أيقونة عالمية: المسيرة التاريخية لنفرتيتي في القرن العشرين: أنه “إلى جانب الجدل القائم حول تفاصيل تقسيم المكتشفات، ينبغي أيضاً التساؤل حول أخلاقية المبدأ نفسه”. وصرح لـ DW: “إنه قانون لا يمكن أن يوجد إلا في ظل علاقات القوة غير المتكافئة في عصر الإمبريالية، لأن مصر كانت في ذلك الوقت مستعمرة إنجليزية”. وأضاف: “أود أن أصيغ الأمر هكذا: كان الاقتناء في ذلك الوقت قانونياً، لكنه من منظور اليوم ليس شرعياً”.
يشير المؤرخ يورغن تسيمرر، المتخصص في دراسات الاستعمار والإبادة الجماعيةن في تصريحه لـ DW، إلى نقاش مماثل دار في ألمانيا حول الأعمال الفنية التي سلبها النازيون من اليهود خلال الرايخ الثالث: “لا نكتفي بالقول: ‘كان الأمر قانونياً آنذاك، فلا حق لهم في المطالبة، بل نعتبره إنجازاً أخلاقياً أن نقول: ‘نحن لا نصرّ على نص القانون، بل على روحه’. نعلم أنها كانت غير قانونية حرمت اليهود من ممتلكاتهم، ولا نريد الاستفادة من ذلك”. ويتساءل: “لماذا يجب أن نتصرف بشكل مختلف في سياق استعماري”.

هتلر يُحبط محاولة استعادة تمثال نفرتيتي

تشكك عالمة المصريات مونيكا حنّا في موقف ألمانيا القائل بعدم وجود مطالبة رسمية من الحكومة المصرية بإعادة التمثال النصفي. وتشير إلى أن السلطات المصرية كانت قد طلبت استرجاعه بعد فترة وجيزة من عرضه للجمهور في برلين عام 1924، وتضيف: “هل يحتاج المتحف حقاً إلى أن تطلب الحكومة ذلك؟ الرأي العام في مصر واضح جداً بشأن الرغبة في استعادة تمثال نفرتيتي. ما لنا هو لنا”.

في عام 1925، هددت مصر بحظر التنقيبات الألمانية على أراضيها ما لم يُعاد التمثال النصفي. وقد تدخل جيمس سايمون، الذي مول تنقيبات لودفيغ بورشاردت والذي تبرع بتمثال نفرتيتي الشهير لمتحف برلين، شخصيا من أجل تبادل القطع مع مصر وساهم في التفاوض لإعادة نفرتيتي، كما أوضحت الباحثة روث إي. إيسكين في مقالها. “نفرتيتي الأخرى: عمليات إعادة رمزية”.
لم يتم تنفيذ تبادل القطع الذي اقترحه جيمس سايمون، ولم تنجَح المحاولة التالية في عام 1933. آنذاك كان القائد النازي هيرمان غورينغ يأمل في كسب مصر إلى جانب ألمانيا من خلال إعادة التمثال النصفي. لكن هتلر، المعجب الكبير بنفرتيتي، أوقف الأمر برمته قائلاً: “لن أتخلى أبداً عن رأس الملكة”.

جادلت ألمانيا بأن التمثال النصفي هش جداً، بحيث لا يمكن نقله إلى مصر، ومع اعترافه بأنه ليس خبيراً في هذا الموضوع، يشير المؤرخ سيباستيان كونراد ببساطة إلى أنه “في نهاية الحرب العالمية الثانية، وضعوا التمثال في كيس بلاستيكي وخبوه في منجم ملح في ولاية تورينغن. وبعدها، نقل إلى مدينة فيسبادن. إذا، لقد تحمل عناء ومخاطر عدة رحلات، ليس فقط من القاهرة إلى برلين”.
تشارك برلين حالياً في عمليات إعادة الممتلكات الاستعمارية، لا سيما من خلال إعادة برونزيات بنيين إلى نيجيريا. 
أما نفرتيتي، فهي بالطبع قطعة فريدة. ومع ذلك، يعتقد كل من المؤرخ الألماني سيباستيان كونراد وزميله المؤرخ يورغن تسيمرر، المتخصص في دراسات الاستعمار والإبادة الجماعية، أن هناك “بدائل للتمثال الأصلي: نسخ التمثال النصفي وعرضه في برلين، مع عرض تاريخ الاكتشاف وجهود الاستعادة”.

ويعلق يورغن تسيمرر “ما سيكون غائباً في هذه الحالة ′هائلة الأصالة′ ولكنها ملطخة بالظلم الاستعماري“.

أعدته للعربية: إلهام طالبي


Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى