لماذا يتزايد عدد الشباب الأوكرانيين القادمين إلى ألمانيا؟ – DW – 2025/11/3

وصل ما يقرب من 1.3 مليون لاجئ أوكراني إلى ألمانيا خلال الحرب التي شنتها روسيا على أوكرانيا. في بداية أكتوبر كان هناك ما مجموعه 1.293.672 شخصا مسجلين في السجل المركزي للأجانب والذين تم منحهم حماية مؤقتة منذ فبراير 2022. حتى الآن كان معظمهم من النساء الأوكرانيات مع أطفالهن أو المتقاعدين. الآن هناك موجة جديدة من اللاجئين في الأفق من الرجال الذين تقل أعمارهم عن 22 عاما.
والسبب في ذلك هو تغيير الحكومة الأوكرانية لقواعد عبور الحدود. منذ 28 أغسطس يُسمح للرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و22 عاما بالسفر دون عوائق. وقد أدى ذلك إلى ارتفاع عدد الرجال الأوكرانيين من هذه الفئة العمرية الذين يسجلون أنفسهم في ألمانيا، حسب وزارة الداخلية الألمانية من حوالي 100 إلى ما يقرب من 1000 في الأسبوع أي عشرة أضعاف.
موجة جديدة من اللاجئين الأوكرانيين؟
يؤكد “الموجة الجديدة من اللاجئين” أيضا مركز استشارات للاجئين في برلين الذي زاره منذ سبتمبر العديد من الشباب من أوكرانيا. وتقول إلينا فاينر، منسقة مركز الاستشارات في برلين حيث أجريت أكثر من 440 محادثة في سبتمبر 13 في المائة منها مع شبان: “حتى الآن لم يكن الرجال من هذه الفئة العمرية ممثلين بشكل كبير بين الأشخاص الذين نقدم لهم المشورة”. وحسب مركز الاستشارات فإن هذا يمثل زيادة واضحة مقارنة بنسبة 0.1 في المائة في الصيف.
ويلجأ بعض الشباب مباشرة إلى مراكز الاستقبال الأولية للاجئين بينما يقيم آخرون في البداية مع أصدقاء أو أقارب في ألمانيا. وحسب مركز الاستشارة فإن “المستوى التعليمي المرتفع نسبيًا” لهؤلاء الشباب يمثل سمة مميزة. يرغب معظمهم في البداية في تأمين إقامتهم في ألمانيا بوضع حماية مؤقت ثم البحث عن مكان للدراسة أو عمل.
ماكسيم: “جئت إلى هنا لتلقي التدريب”
ماكسيم البالغ من العمر 20 عاما من كييف هو أحد أولئك الذين انتهزوا فرصة مغادرة أوكرانيا. وقد وصل مؤخرا إلى برلين في أول إقامة له في الخارج. وبينما يتجول في ألكسندر بلاتس لا يكاد يستطيع التعبير عن مشاعره: “أنا في غاية السعادة! فرحتي لا حدود لها لأنني أدرك أن هذه هي تذكرتي إلى المستقبل”.
قدم ماكسيم بالفعل طلبا للحصول على الحماية المؤقتة ويقيم حاليا في مخيم. الآن يريد أن يتعلم اللغة الألمانية ثم يدرس أو يعمل. يقول: “جئت إلى هنا لتلقي تعليم إن لم يكن كمهندس كهربائي ففي مهنة ترفع من جودة حياة الناس وتجعل هذا البلد أفضل”.
وخلال العامين الماضيين عمل ماكسيم في كييف كساعي. توفي والده قبل سبعة أعوام لذا كان يعيش وحده مع والدته التي تعمل عاملة نظافة. “جئت إلى ألمانيا أيضا لمساعدة والدتي”، يوضح ماكسيم.
سيرهي: الفرصة الاخيرة
سيرهي البالغ من العمر 22 عاما والذي وصل أيضا إلى ألمانيا مؤخرا ينحدر أصلا من دونباس وهو هارب من الحرب التي تشنها روسيا. كان يعيش في دونيتسك على بعد كيلومترين فقط من المطار وشهد بداية الحرب عن قرب عندما كان طفلا. بعد ذلك انتقل إلى مدينة شاختارسكي في منطقة دنيبروبتروفسك. خلال فترة دراسته كان يحضر بانتظام قداس الكنيسة الإنجيلية واكتشف في الوقت نفسه شغفه بإنتاج الفيديو والإخراج. اليوم يعمل كمصمم حركة مستقل.
ويقول سيرهي إن قرار مغادرة أوكرانيا كان صعبا عليه. فرص السفر القانونية للرجال محدودة وتصبح أكثر تعقيدا بعد سن 22 عاما. أدرك أن هذه هي فرصته الأخيرة للسفر بشكل قانوني. يقول: “في سن 23 أو 24 تجد نفسك في نوع من المنطقة العازلة. لا يمكنك المغادرة ببساطة لكنك لا تختبئ أيضا وفي الوقت نفسه يقترب موعد التجنيد في الجيش“. في أوكرانيا يمكن التجنيد في الحرب من سن 25 عاما.
لدى سيره أصدقاء في ألمانيا غادروا أوكرانيا في وقت سابق. لذلك قرر هو أيضا الذهاب إلى ألمانيا حيث يستقر الآن. يملأ الطلبات ويبحث عن وظيفة حتى يتمكن من استئجار شقة. في وقت لاحق يرغب في استقدام عائلته أمه وأخيه وأخته. لا يرغب في العودة إلى أوكرانيا خلال السنوات العشر القادمة. لا يشعر بالحنين إلى الوطن. “لقد انتقلت كثيرا وللأسف لم يكن لدي ما يمكن أن أسميه منزلا حقيقيا”، يقول سيرهي الذي انتقل ست مرات منذ بدء الحرب في عام 2014.
فيكتور: “يمكن تخفيض سن التجنيد”
فيكتور 18 عاما من قرية هريغوريفكا في منطقة كييف جاء مع صديقته إلى برلين في نهاية أغسطس حيث تقدموا بطلب للحصول على حماية مؤقتة. من برلين يواصل فيكتور دراسته عبر الإنترنت في جامعة كييف للثقافة ويحلم بأن يصبح ممثلا.
في الواقع كان يريد مغادرة البلاد قبل بلوغه سن 18 عاما لكنه تردد. في النهاية غادر أوكرانيا بسبب “خوفه من الحرب” و”خوفه من التجنيد”. صحيح أن الرجال الذين تقل أعمارهم عن 25 عاما لا يتم تجنيدهم لكن هذا قد يتغير في أي وقت، كما يقول. “قرأت تقارير تفيد بأن سن التجنيد قد يتم تخفيضه. في بلدنا يمكن إقرار جميع القوانين الممكنة بما في ذلك التجنيد في سن 18 عاما”، يقول فيكتور.
لا يزال والداه يعيشان في أوكرانيا وتعمل والدته ممرضة أما والده فهو عاطل عن العمل منذ سنوات لأسباب صحية. يرى فيكتور أن التكيف مع الحياة في ألمانيا أصعب مما كان يتوقع. يريد أولا أن يتعلم اللغة الألمانية ثم يحصل على مكان في الجامعة أو يجد وظيفة. في الوقت الحالي لا يزال يواجه صعوبات: “كل شيء هنا بيروقراطي للغاية كما أن حاجز اللغة يشكل عقبة كبيرة”.
بناء مستقبل في ألمانيا
أثار السماح للرجال دون سن 22 عاما بمغادرة أوكرانيا ردود فعل متباينة. يرى المنتقدون أن أوكرانيا لا تستطيع تحمل خسارة جيلها الشاب، خاصة في أوقات التعبئة. وفي وسائل التواصل الاجتماعي غالبا ما يُنعت الشباب الذين يغادرون البلاد بـ”الهاربين” أو “الخونة” على الرغم من أنهم يغادرون البلاد بشكل قانوني.
يقول ماكسيم: “جميع أصدقائي في أوكرانيا سعداء من أجلي”، ويضيف: “حتى أولئك الذين يخدمون في الجيش الأوكراني لم يقولوا لي إنني أتخلى عن البلد وعليّ أن أقاتل”. وحسب ماكسيم لم يكن هناك سوى عدد قليل من الرجال في سنه في الحافلة التي غادر بها أوكرانيا. ووفقا لماكسيم فإن من يخطو هذه الخطوة يرى فيها فرصة ولكنه مستعد تماما للعودة إذا ثبت أن الاندماج في الخارج صعب للغاية. ويعتقد ماكسيم أن المعرفة المكتسبة في ألمانيا يمكن تطبيقها في أوكرانيا عند العودة.
ويقول سيرهي إن ثمانية شبان آخرين كانوا يجلسون في حافلته. بعد مراقبة الجوازات كان الجميع سعداء للغاية. “عندما انتهينا هتف الجميع: مرحى، لقد نجحنا!”، يقول سيرهي.
على الرغم من اختلاف ظروفهم المعيشية يريد الثلاثة شبان ماكسيم وسيرهي وفيكتور الآن بناء حياة جديدة في ألمانيا. وحسب استطلاعات الرأي الحالية يريد أكثر من خمس المراهقين الأوكرانيين الانتقال إلى الخارج، بينما يريد 52 في المائة البقاء في أوكرانيا.
أعده للعربية: م.أ.م
تحرير: يوسف بوفيجلين
Source link



