أخبار العالم

كيف تفاعل مهاجرون مع تصريحات ميرتس حول “صورة المدن”؟ – DW – 2025/10/28

ردود الأفعال على تصريح المستشار الألماني فريدريش ميرتس حول “صورة المدن” الألمانية ما زالت مستمرة، وما زال تصريحه يثير الجدل في الشارع الألماني ووسائل الإعلام، حتى أن مظاهرات واحتجاجات خرجت إلى الشوارع الألمانية منددة بكلماته ورافضة لها.

الأسبوع الماضي صرّح ميرتس أن الحكومة الاتحادية تعالج الإخفاقات السابقة في سياسة الهجرة وتحرز تقدماً، وقال: “لكننا ما زلنا نواجه هذه المشكلة المتعلقة بالمشهد العام في المدن الألمانية بالطبع، ولهذا السبب يقوم وزير الداخلية الاتحادي بتسهيل وتنفيذ عمليات ترحيل واسعة النطاق” للمهاجرين، بحسب وكالة الأنباء الألمانية.

استطلعت DW عربية آراء المهاجرين واللاجئين في شوارع مدينة كولونيا الألمانية حول تصريح ميرتس، ورصدت الإحباط على وجوه البعض، في حين رفض العديد من المهاجرين واللاجئين العرب على وجه الخصوص الإفصاح عن آرائهم.

ما علاقة الاقتصاد بـ “صورة المدن الألمانية”؟

وعن تغير “صورة المدن” الألمانية قالت سيدة إيرانية في السبعينيات من عمرها وتعيش في ألمانيا منذ خمسين عاماً رفضت الإفصاح عن اسمها لـ DW عربية: “ليست صورة المدن فقط، ألمانيا كلها تغيّرت، ولم تعد كما كانت عليه في السابق. ألمانيا كانت أجمل دول العالم وكانت الحياة هنا رائعة. ولكن ليسوا الأجانب هم السبب بتغير صورة المدن الألمانية”.

وأضافت: “أتفهم أن بعض المهاجرين واللاجئين لم يتمكنوا من الاندماج والعمل ويشكّلون عبئاً على الدولة، ولكن المشكلة الحقيقية هي الأزمة الاقتصادية، هو ما غيّر مستوى المعيشة هنا وصورة المدن أيضاً”.

بحسب مركز الإحصاءات “ستاتيستا” دخل الاقتصاد الألماني في حالة ركود للعام الثاني على التوالي؛ إذ تراجع الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024 بنسبة 0.5 بالمئة مقارنة بالعام السابق، بعد أن كان قد انخفض بنسبة 0.9 بالمئة في 2023.

وهو أول ركود متواصل منذ أزمة فيروس كورونا عام 2020 حين تراجع الناتج الاقتصادي بشكل حاد بعد عشر سنوات من النمو المتواصل.

“أشعر بالحزن والإحباط”

تصريحات ميرتس كانت محبطة للمهاجرين الذين يبذلون قصارى جهودهم للاندماج في المجتمع الألماني. قالت أفسانة كاظمي، إيرانية في الثلاثينيات من عمرها لـ DW عربية: “بصفتي شخصاً يعيش في ألمانيا منذ أربع سنوات ونصف، ويسعى جاهداً للاندماج في المجتمع، شعرت بالحزن والإحباط الشديدين عند سماعي لتصريحات المستشار ميرتس”. وأضافت: “بدلاً من نشر الكراهية والانقسام، كان عليكم، يا سيد ميرتس، بصفتكم ممثلاً للشعب، أن تنظروا إلى مشكلات البلاد من منظور جميع المواطنين، وأن تحاولوا عدم تكرار أخطاء التاريخ، بل المساهمة في صياغتها بطريقة إيجابية”.

والجهد الذي بذله الكثيرون كان مرئياً وواضحاً لمَن يعيشون هنا. قال محمد س. سوري 28 عاماً يعيش بين هولندا وألمانيا لـ DW عربية: “هذا الكلام (تصريح ميرتس) مبالغ فيه، يوجد الكثير من المهاجرين المندمجين بشكل جيد، ولا يظهر منهم إلا السلوك الإيجابي”. وأضاف: “الكثير من المهاجرين اندمجوا بالمجتمع ويعملون، وبعضهم لديهم مشاريع خاصة بهم ويساهمون بدعم اقتصاد ألمانيا”، ويعتقد محمد أن السلوك السيء وغير اللائق موجود في كل مكان بغض النظر عن البلد أو الجنسية.

وبحسب المكتب الاتحادي للإحصاء في ألمانيا يشكّل الأشخاص من خلفية مهاجرة حوالي ربع سكان ألمانيا، نسبة كبيرة منهم يعملون، وهي نسبة بارتفاع مستمر في الآونة الأخيرة وفق إحصائيات الخدمة الإعلامية الألمانية لشؤون الاندماج التي تبيّن أنه في 2024 بلغت نسبة العمال الأجانب 16.1 بالمئة، أي أكثر من ضعف النسبة المسجلة في عام 2010، ومعظمهم يعملون في وظائف خاضعة لاشتراكات التأمين الاجتماعي ويدفعون ما يترتب عليهم من ضرائب.

وبحسب وكالة التوظيف الاتحادية الألمانية بلغت نسبة العمال الأجانب في مارس/ آذار 2025 نحو 16.3 بالمئة.

“لهجة جديدة”

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وخاصة في خمسينيات وستينيات القرن الماضي استقطبت ألمانيا عمالاً أجانب خاصة من إيطاليا وإسبانيا واليونان وتركيا، لمواجهة نقص الأيدي العاملة، ووصل إلى ألمانيا حوالي 14 مليون حتى عام 1973.

وبعد توحيد ألمانيا، بلغت الهجرة ذروة لها عام 1992 مع أكثر من 1,5 مليون مهاجر وطالب لجوء، وفي عام 2015 وصل أكثر من 2,14 مليون مهاجر بسبب موجة اللجوء من خارج أوروبا.

ومع ذلك يرى أبو محمد 65 عاماً، سوري يعيش في ألمانيا منذ عشر سنوات أن التصريحات الأخيرة ضد المهاجرين في ألمانيا لهجة جديدة لم تكن موجودة سابقاً. قال أبو محمد لـ DW عربية: “بعد الحرب العالمية الثانية قدم إلى ألمانيا عدد كبير من المهاجرين، لماذا طوال تلك الفترة لم يُقال إن صورة المدن تغيرت؟ هذا الكلام جديد فيه شيء عنصري ضد اللاجئين الجدد وتحديداً العرب على ما يبدو”.

في حين قالت امرأة سورية 54 عاماً رفضت التصريح عن اسمها “أعتقد أنه من وجهة نظر كبار السن الألمان الذين عاشوا فترات زمنية عديدة، طرأ على ألمانيا تغييرات عديدة، يُعتبر بعضها سلبي، ولكن أعتقد أيضاً أنه من الظلم أن يتم تحميل وزرها للأجانب فقط لأن هذا سيكون نوعاً من التمييز ضد فئة لا يُستهان بها من المجتمع الالماني الحالي”. وأضافت: “أعتقد أنه كان على السيد ميرتس أن يبحث عن الأسباب الحقيقية لهذه التغييرات بدلاً من الحديث العلني عنها بهذه الصيغة التي استفزت ليس فقط الأجانب وإنما أيضاً نسبة لا بأس بها من الألمان”.

الاحتجاجات ضد تصريحات ميرتس لم تكن من المهاجرين واللاجئين فقط، بل خرج ألمان إلى الشوارع معبرين عن رفضهم للتصريح الذي اعتبره كثيرون عنصري.

وأثارت مشاركة فيبكه إسدار، نائبة رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي، في مظاهرة احتجاجاً على تصريحات ميرتس استياء داخل التحالف المسيحي.

ويشارك الحزب الاشتراكي الديمقراطي التحالف المسيحي في الحكومة الائتلافية الحالية في ألمانيا.




Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى