إيران بين الجمود والأمل في التوصل إلى حل – DW – 2025/10/26

رفض المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي مؤخراً عرضاً من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لبدء محادثات جديدة حول البرنامج النووي الإيراني: وقال الرجل البالغ من العمر 85 عاماً والذي يتمتع بالسلطة السياسية والدينية العليا في الجمهورية الإسلامية وله القول الفصل في جميع الشؤون: “إذا كان الاتفاق مصحوباً بالإكراه وكانت نتيجته محددة سلفاً فإنه لا يُعتبر اتفاقاً، بل فرضا ومضايقة”. وفي الوقت نفسه رفض خامنئي ادعاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن الولايات المتحدة قد دمرت القدرات النووية لإيران.
“إيران فقدت أوراق التأثير في المنطقة”
“تعتقد الجمهورية الإسلامية أنها يمكن أن تحقق مكاسب إذا أظهرت قوتها”، يوضح الخبير الإسرائيلي في شؤون الشرق الأوسط ميناش أمير رداً على سؤال من DW. بصفته يهودياً من أصل فارسي بدأ أمير ميناش أمير حياته المهنية كصحفي قبل الثورة الإسلامية في إيران. وهو يراقب ويحلل سياسة الجمهورية الإسلامية منذ تأسيسها في عام 1979.
“استراتيجية إظهار القوة قد فاشلة هذه المرة”، يقول الخبير مضيفاً: “لقد فقدت إيران العديد من عوامل نفوذها في المنطقة بما في ذلك حماس وحزب الله في لبنان والمتمردون الحوثيون في اليمن والعديد من الجماعات التابعة لها في العراق وسوريا“.
ويحذر الخبير في شؤون الشرق الأوسط من أن عدم استعداد القيادة الإيرانية للتخلي على الأقل علناً عن سياستها التصادمية تجاه الغرب قد يجعل حرباً أخرى أمراً لا مفر منه.
منذ ثورة عام 1979 لا تعترف قيادة الجمهورية الإسلامية بحق إسرائيل في الوجود وتهددها بانتظام بالتدمير. وهي تعتبر نفسها نواة “المقاومة الحقيقية للإمبريالية والاحتلال”.
شنت القوات الإسرائيلية والأمريكية في حزيران/يونيو هجوماً على المنشآت النووية الإيرانية في حرب استمرت اثني عشر يوماً. وتتهم الدول الغربية إيران منذ فترة طويلة بالعمل سراً على تطوير أسلحة نووية. وتنفي طهران ذلك وتؤكد أن برنامجها النووي يخدم أغراضاً مدنية فقط ولتوليد الطاقة.
عدم التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية أم ربما العكس؟
بعد إعادة فرض جميع عقوبات الأمم المتحدة على إيران من خلال تفعيل آلية “سناب باك” من قبل دول الترويكا الأوروبية (ألمانيا، فرنسا، بريطانيا) في 28 آب/أغسطس 2025 اعتبرت إيران أن التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم يعد ذي فائدة.
وأعلن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، علي لاريجاني، الذي كان قد سافر إلى العراق مطلع الأسبوع أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في القاهرة بوساطة مصرية بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية لن يتم تنفيذه من قبل طهران.
إلا أنه خفّف من حدة تصريحه لاحقا في حديثه لوكالة الأنباء الإيرانية قائلاً: “إذا قدمت الوكالة الدولية للطاقة الذرية طلباً بهذا الشأن (لإرسال مفتشين إلى إيران) فيجب عليها تقديمه إلى أمانة المجلس الأعلى للأمن القومي للنظر فيه.”
“لا شك أن خطر اندلاع الصراع مرتفع للغاية لكن تصريحات علي خامنئي وعلي لاريجاني تُظهر أن الجمهورية الإسلامية لا تزال لا تريد إلغاء الاتفاق بالكامل”، يقول خبير شؤون الشرق الأوسط حميد رضا عزيزي، الباحث في “مؤسسة العلوم والسياسة” (SWP) في برلين في حديثه مع DW: “إنهم يخشون أن يؤدي أي تصرف غير محسوب إلى إعطاء إسرائيل أو الولايات المتحدة مبرراً لتوجيه ضربة عسكري”.
ويشير حميد رضا عزيزي إلى أن القيادة الإيرانية كانت قد هددت بالانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية قبل اندلاع حرب الأيام الاثني عشر لكنها لم تنفذ هذا التهديد. وبدلاً من ذلك حاولت التوصل إلى اتفاق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمنع تفعيل آلية “سناب باك” (آلية الزناد لإعادة فرض العقوبات على طهران)، لكن فشلت جهودها. ويقول الباحث إن وضعاً مشابها قائم اليوم أيضا: “قيادة الجمهورية الإسلامية عالقة في مأزق. فمن جهة لا تريد أن تبدو تهديداتها السابقة فارغة وغير ذات تأثير، ومن جهة أخرى قد يؤدي أي تصرف متشدد أو متهور إلى منح إسرائيل ذريعة لشن هجوم على المنشآت النووية الإيرانية.”
إدارة أزمة بدلاً من خطة واضحة
وبحسب عزيزي يحاول علي لاريجاني إيجاد طريق وسط لإدارة الأزمة إذ لا يوجد في الوقت الراهن مخرج واضح من الوضع القائم. وقال: “ما نشهده حالياً هو مجددا نوع من استراتيجية إدارة الأزمات التي تتبعها الجمهورية الإسلامية والتي تهدف فقط إلى كسب الوقت إلى أن يتم التوصل إلى حل.”
ولم تُلغى المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة. كما تتفاوض إيران في الوقت نفسه مع أوروبا. ففي 22 تشرين الأول/أكتوبر كشف عن أن فرنسا وإيران على وشك التوصل إلى صفقة تبادل سجناء. وقد رحّبت طهران يوم الأربعاء بالإفراج المشروط عن طالبة إيرانية كانت محتجزة في فرنسا وذكرت وزارة الخارجية الإيرانية أنها ستواصل السعي من أجل إطلاق سراحها الكامل. وكانت وكالة تسنيم شبه الرسمية قد أفادت يوم الثلاثاء نقلاً عن مصدر في وزارة الخارجية بأن الطالبة تُحضَّر لعملية تبادل سجناء.
ولا يزال غير واضح حتى الآن من سيتم الإفراج عنه بناءً على طلب فرنسي في المقابل. وحسب تقارير إعلامية قد يكون اثنان من المواطنين الفرنسيين الذين تحتجزهم إيران منذ عام 2022. وقد صدرت بحقهما أحكام بالسجن الطويل الأسبوع الماضي بتهم تتعلق بالتجسس، بينما وصفت باريس هذه الاتهامات بأنها “لا أساس لها”. ويرى مراقبون أن الأمر يشكّل نوعاً من احتجاز الرهائن لأغراض سياسية.
وتستخدم إيران اعتقال مواطني الدول الغربية بانتظام كأداة ضغط من أجل تنفيذ مطالبها السياسية والحصول على تنازلات خلال المفاوضات.
أعده للعربية: م.أ.م
Source link



