صواريخ توماهوك.. هل ستغير مسار الحرب الأوكرانية ـ الروسية؟ – DW – 2025/10/18

أصبحت  صواريخ توماهوك الأمريكية موضوعا مهما في واشنطن وكييف وموسكو مؤخرا. لم يعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يستبعد توريد هذه الأسلحة إلى أوكرانيا إذا رفضت روسيا التوصل إلى تسوية سلمية للحرب. وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد صرح سابقا أنه وترامب تحدثا عبر الهاتف عن الصواريخ دون ذكر أي تفاصيل.

وترى كييف أن الصواريخ بعيدة المدى ستساعد في تحقيق السلام. وقال  فولوديمير زيلينسكي: “نرى ونسمع أن روسيا تخشى أن يزودنا الأمريكيون بصواريخ توماهوك. وهذا يدل على أن هذا النوع من الضغط يمكن أن يساهم في تحقيق السلام”. وفي 12 أكتوبر قال إن القوات الأوكرانية لن تهاجم سوى أهداف عسكرية في روسيا   بصواريخ توماهوك إذا زودتها الولايات المتحدة بها.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد زعم في وقت سابق أن صواريخ توماهوك لا تشكل خطرا جديا على روسيا، لكنه أضاف أن تزويد أوكرانيا بهذه الصواريخ سيشكل “مرحلة جديدة تماما وذات نوعية جديدة من التصعيد” بين واشنطن وموسكو. ومع ذلك أكد المتحدث باسمه ديمتري بيسكوف في مقابلة مع التلفزيون الحكومي الروسي أن أي  توريد محتمل لصواريخ توماهوك إلى أوكرانيا يثير “قلقا بالغا” في موسكو.

توماهوك، صاروخ قديم ولكنه مجرب

صاروخ توماهوك هو صاروخ استراتيجي وتكتيكي عالي الدقة دون سرعة الصوت وذو مدى بعيد. يتم تصنيعه في العديد من التعديلات بما في ذلك لرؤوس حربية مختلفة ما يشمل الرؤوس النووية. يمكن إطلاقه من منصات مختلفة.

“توماهوك هو صاروخ قديم جدا بدأ تطويره في السبعينيات. في الأصل طوره الأمريكيون كصاروخ حامل للأسلحة النووية في ثلاث نسخ: نسخة جوية للقاذفات ونسخة برية ونسخة بحرية”، كما يوضح الخبير العسكري الأوكراني كونستانتين كريفولاب في حوار مع DW. كان مدى الصاروخ في الأصل يصل إلى 2500 كيلومتر. وعندما تم استبدال الرأس النووي برأس تقليدي تقرر أن مدى 1600 كيلومتر ووزن رأس حوالي 450 كيلوغراما كافيان. لكن كريفولاب يؤكد أنه لا تزال هناك صواريخ يمكنها الطيران لمسافة 2500 كيلومتر.

وحسب رأيه تم التخلص من صواريخ توماهوك الأرضية ومنصات الإطلاق المرتبطة بها بعد توقيع معاهدة القضاء على الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي في عام 1987. بعد انسحاب الولايات المتحدة من هذه المعاهدة في عام 2019 خلال ولاية  دونالد ترامب الأولى تمت إعادة العديد من منصات الإطلاق. ويعتقد كريفولاب أن أوكرانيا بحاجة الآن إلى صواريخ توماهوك أرضية.

وحسب هذا الخبير تتمثل خصوصية صاروخ توماهوك في أنه يقطع مساره على ارتفاع منخفض جددا مع مراعاة التضاريس وتجنب العوائق. “أهم ما يميز هذا الصاروخ هو قدرته على الطيران على ارتفاع منخفض للغاية. إنها أفضل تطبيق للتطورات التقنية المتاحة لاستكشاف التضاريس بواسطة الصاروخ”.وهوالصاروخ التقليدي أي غير المسلح نوويا ذو المدى الأبعد في الغرب.

لماذا تشكل صواريخ توماهوك مشكلة للكرملين

تم إدخال صاروخ توماهوك في عام 1983. ومنذ ذلك الحين استخدمته الولايات المتحدة مرارا في عمليات عسكرية على سبيل المثال في العراق وليبيا وسوريا. يشير أندري كوفالينكو من مركز مكافحة التضليل التابع لمجلس الأمن والدفاع الأوكراني إلى أن صواريخ توماهوك بعيدة المدى نجحت في إصابة أهداف الدفاع الجوي الروسي خلال القتال في سوريا في عامي 2017 و2018.

وحسب رأيه فإن صاروخ توماهوك يطير بنظام ملاحة معقد لا يتبقى من خلاله للعدو سوى ثوانٍ معدودة للرد بعد اكتشافه بواسطة الرادار. ولاعتراض هذا الصاروخ بفعالية يلزم وجود شبكة كثيفة من الرادارات المنخفضة بالإضافة إلى نقل فوري لأسماء الأهداف ودفاع جوي متزامن. “كانت الأنظمة الروسية تغطي الأهداف السورية في ذلك الوقت، لكنها لم تنجح. صواريخ توماهوك فعالة بشكل خاص عندما يتم إطلاقها في مجموعات. إن إثقال كاهل الدفاع الجوي يزيد من فرص النجاح. أنظمة S-400 أو Panzir الروسية ضعيفة في مواجهة صواريخ توماهوك”، حسب كوفالينكو.

وتجارب الصواريخ توماهوك وخصائصها في المسافات الطويلة ستسمح للقوات المسلحة الأوكرانية بضرب أهداف عسكرية مهمة في روسيا على مسافة 1600 كيلومتر، كما يقول خبير الأسلحة ورئيس تحرير البوابة العسكرية Defense Express، أوليغ كاتكوف لـ DW. “يمكن تدمير عدد معين من شركات التسلح الروسية”، كما يؤكد.

كما يرى المعهد الأمريكي لدراسة الحرب أن  أوكرانيا يمكنها باستخدام صواريخ توماهوك إحداث أضرار جسيمة أو حتى تدمير منشآت عسكرية مهمة في عمق الأراضي الروسية مثل مصنع الطائرات بدون طيار في يلابوغا في جمهورية تتارستان أو قاعدة إنجلز 2 الجوية في منطقة ساراتوف. من هناك تطلق روسيا قاذفات استراتيجية تطلق صواريخ كروية محمولة جوا في هجمات مشتركة ضخمة على أوكرانيا. ويقدر معهد دراسة الحرب أن هناك ما بين 1600 إلى 2000 هدف عسكري في روسيا يمكن أن تصل إليها صواريخ توماهوك.

كم عدد صواريخ توماهوك التي يمكن أن تحصل عليها أوكرانيا؟

لكن الخبراء الأوكرانيين يخشون ألا تحصل أوكرانيا على ما يكفي من صواريخ توماهوك لضرب كل هذه الأهداف. ففي النهاية حسب أوليج كاتكوف من غير المعروف عدد الصواريخ التي تمتلكها الولايات المتحدة نفسها وكم سيكلف الصاروخ أوكرانيا. وهذا ما سيحدد ما إذا كانت صواريخ توماهوك ستغير مسار الحرب. ويشير كاتكوف إلى أن واشنطن لا تبيع أوكرانيا الأسلحة حاليا إلا مقابل أموال من دول الناتو الأوروبية وكندا.

وسعر صاروخ توماهوك مرتفع ويختلف باختلاف البلد الذي يشتريه من الولايات المتحدة. وحسب كاتكو تدفع هولندا 12.5 مليون دولار مقابل صاروخ توماهوك بينما تدفع اليابان 4.25 مليون دولار وذلك لأن واشنطن تعتبر جارة اليابان، الصين أكبر تهديد للأمن القومي للولايات المتحدة.

“إذا أخذنا حزمة تمويل متوسطة بقيمة نصف مليار دولار وسعر اليابان نحصل على حوالي 117 صاروخا. إذا أخذنا سعر هولندا فإن العدد سيكون أقل بكثير. بلغ معدل إنتاج صواريخ توماهوك بجميع تعديلاتها في السنوات الأخيرة حوالي 50 قطعة في السنة. هذا ليس بالكثير مما يعني أنه لن يكون هناك بالتأكيد آلاف الصواريخ توماهوك  لأوكرانيا، وربما لن يكون هناك حتى المئات منها”، حسب كاتكوف. سيتوقف استخدام كييف لهذه الصواريخ في حال حصلت أوكرانيا عليها على عددها وما إذا كان ذلك سيغير ميزان القوى في الحرب.

تسليم صواريخ توماهوك رسالة إلى بوتين

إذا قرر الرئيس الأمريكي تسليم هذه الأسلحة إلى أوكرانيا فسيكون ذلك نتيجة مباشرة لرفض بوتين أي اقتراح سلام من ترامب، حسب جون إي. هيربست، المدير الأول لمركز أوراسيا في المجلس الأطلسي والسفير الأمريكي السابق في أوكرانيا.

“تكشف هستيريا الكرملين بشأن احتمال توريد هذه الأسلحة إلى أوكرانيا أن ذلك قد يؤثر على سياسة بوتين“، يوضح الخبير في مقابلة مع دويتشه فيله (DW). وهو يعتقد أن توريد صواريخ توماهوك لن يؤثر كثيرا على سير الحرب. لكنه قد يرسل إشارة إلى بوتين ويحث الكرملين على الدخول في مفاوضات سلام.

أعده للعربية: م.أ.م (ع.ج.م)