اخبار السودان

قرار اممي جديد يوسّع صلاحيات بعثة تقصي الحقائق في السودان حتى 2026

اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تمديد ولاية بعثة تقصي الحقائق في السودان لعام إضافي، وسط تصويت متباين يعكس توازنات دولية دقيقة، وتأكيدات على أهمية استمرار التحقيقات في الانتهاكات المرتكبة منذ اندلاع الحرب.

قرار التمديد

في جلسة رسمية عقدت يوم الإثنين برئاسة المندوبة الدائمة لسويسرا السفير يور قلوبر، أقر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مشروع القرار رقم A/HRC/60/L.18، القاضي بتمديد ولاية البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن السودان لمدة عام إضافي. القرار حظي بتأييد 24 دولة عضو، فيما امتنعت 12 دولة عن التصويت، وصوتت 11 دولة ضده، وفق ما أفاد به الدكتور محمد صالح ياسين، المدافع عن حقوق الإنسان وعضو الهيئة القيادية لتحالف “صمود” المدني الديمقراطي، في تصريح لراديو دبنقا.

دعم متزايد

أوضح ياسين أن التصويت يمثل تطوراً ملموساً في مسار اعتماد القرار، مشيراً إلى أن عدد الأصوات المؤيدة ارتفع تدريجياً من 19 صوتاً عند نشأته، إلى 23 صوتاً في العام الماضي، ثم إلى 24 صوتاً في دورة 2025، ما يعكس اتساع دائرة الدعم الدولي لاستمرار عمل البعثة. ولفت إلى أن الدول المعارضة للقرار فعلت ذلك لأسباب مبدئية، لا تعكس رفضاً جوهرياً، بل تحفظات على آلية التمديد، دون قناعة كاملة بموقفها الرافض.

ميزانية البعثة

بموجب القرار، تم تمديد ولاية البعثة لعام إضافي بميزانية تبلغ 5 ملايين و966 ألف دولار، لمواصلة التحقيق في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة منذ اندلاع النزاع المسلح في السودان. واعتبر ياسين أن إدراج القانون الدولي الجنائي ومحكمة الجنايات الدولية في نص القرار يمثل تطوراً نوعياً في لغته، ويعزز من مرجعيته القانونية.

إدانة الأطراف

القرار أشار إلى جهود الآلية الرباعية الرامية إلى وقف الحرب وتحقيق هدنة إنسانية، وتسهيل إيصال المساعدات دون عوائق. كما أدان طرفي النزاع والمليشيات التابعة لهما أو المرتبطة بهما، مؤكداً رفض أي تدخل خارجي في الشأن السوداني، لا سيما ما يتعلق بتدفق الأسلحة. وأشاد القرار بالجهود الدولية والإقليمية، خاصة من القوى المدنية والديمقراطية، داعياً إلى تشكيل حكومة مدنية انتقالية تمهيداً لإجراء انتخابات عامة.

تقرير مرتقب

وصف ياسين القرار بأنه خطوة مهمة نحو الحل الديمقراطي، كونه يحث الأطراف على وقف إطلاق النار فوراً. كما نص القرار على رفع تقرير مفصل إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ81 المقررة في عام 2026، مع إمكانية إحالة التوصيات إلى مجلس الأمن الدولي، وفتح الباب أمام عقد جلسة طارئة جديدة في حال حدوث تطورات ميدانية.

تحولات التصويت

من جانبه، أشار السفير علي بن أبي طالب عبدالرحمن الجندي، مندوب السودان الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف، إلى أن التصويت كشف عن تحولات محدودة في مواقف الدول، خاصة داخل المجموعة الأفريقية. وأوضح أن الدول المؤيدة شملت جنوب أفريقيا من أفريقيا، وثماني دول أوروبية، وست دول من شرق أوروبا، وأربع دول آسيوية، وخمس دول من أمريكا الجنوبية. في المقابل، امتنعت ثماني دول أفريقية عن التصويت، فيما صوتت أربع دول ضد القرار، بينها السودان، إثيوبيا، بوروندي، والمغرب.

مواقف متباينة

المجموعة الآسيوية شهدت تصويتاً متبايناً، حيث صوتت خمس دول ضد القرار، هي الصين، فيتنام، الكويت، قطر، وإندونيسيا، بينما امتنعت أربع دول، وصوتت أربع أخرى لصالحه. وأشار الجندي إلى أن غانا، التي كانت مؤيدة في العام الماضي، امتنعت هذا العام رغم توليها تنسيق المجموعة الأفريقية في قضايا حقوق الإنسان. كما حافظت جنوب أفريقيا على موقفها الداعم، رغم امتناعها في التصويت الأول الذي أنشأ البعثة.

حذف فقرة خلافية

أبرز التعديلات التي طرأت على نص القرار تمثلت في حذف الفقرة المتعلقة بمزاعم استخدام الأسلحة الكيميائية في السودان، نتيجة اعتراضات من دول أفريقية وأوروبية. واعتبر الجندي أن هذا الحذف كان ضرورياً لضمان التوافق وتمرير القرار، خاصة أن بعض الدول ربطت موقفها النهائي بإزالة تلك الفقرة.

رفض التعاون

القرار شدد على ضرورة تعاون الأطراف السودانية مع البعثة وتسهيل مهامها، في وقت ترفض فيه “حكومة الأمر الواقع” في بورتسودان الاعتراف بالبعثة أو التعاون معها. وأكد الجندي أن المجلس يولي اهتماماً بالغاً بتدهور أوضاع حقوق الإنسان في السودان، ويصر على استمرار البعثة في رصد وتوثيق الانتهاكات، رغم أزمة السيولة التي تواجهها الأمم المتحدة وانعكاساتها على أداء البعثة.

عمل خارجي

أوضح الجندي أن البعثة تواصل عملها من خارج السودان، وقد نفذت زيارات ميدانية لمعسكرات اللاجئين في تشاد وكينيا وأوغندا، وتتعاون مع منظمات المجتمع المدني الإقليمية والدولية. ونصح الحكومة السودانية بضرورة فتح حوار مع البعثة، مستشهداً بمقال لرئيسة دائرة القانون الدولي الإنساني بوزارة العدل، دعت فيه إلى التعاون مع البعثة الدولية المستقلة.

إرث التعاون

ذكّر الجندي بأن النظام السابق تعاون مع مجلس حقوق الإنسان منذ عهد المقرر الخاص كاسبر بيرو، مروراً بسيما سمر، وصولاً إلى محمد عثمان شاندي، رئيس البعثة الحالية. وأكد أن تقرير البعثة الأخير أشار إلى أن 80% من الانتهاكات الجسيمة ارتكبتها قوات الدعم السريع، رغم أن القرار عند صدوره تحدث عن انتهاكات من الطرفين.

دعوة للحوار

من واقع تجربته كنائب لرئيس مجلس حقوق الإنسان خلال الفترة الانتقالية، شدد الجندي على أن الحوار أفضل من المواجهة، مستشهداً بموقف السودان حين تقدم بطلب لتجديد عضويته في المجلس للفترة 2020–2022، متعهداً بالتعاون واحترام قرارات المجلس. وأشار إلى أن “حكومة الأمر الواقع” ترى تعددية في آليات حقوق الإنسان، تشمل مكتباً قطرياً في الخرطوم، والخبير رضوان نويصر، والبعثة الدولية الحالية.

سياق البعثة

أوضح الجندي أن حكومة السودان وافقت في ديسمبر 2019 على فتح مكتب قطري لحقوق الإنسان في الخرطوم، والذي يعمل حالياً من بورتسودان. وبعد انقلاب 25 أكتوبر 2021، قرر المجلس تعيين رضوان نويصر خلفاً لآداما دينق، الذي استقال في أواخر 2022. وتم إنشاء بعثة تقصي الحقائق في مايو 2023 خلال جلسة خاصة عقب اندلاع الحرب، وقد أصدرت تقريرين، آخرهما وصف النزاع بأنه “حرب الفظائع”، مؤكدة استمرار عملها رغم التحديات.

Sources: OHCHR session 60 overview, UNHRC documents and resolutions, Session 60 reports.


Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى