أخبار العالم

عامان على هجوم حماس واندلاع حرب غزة ـ ماذا تحقق لإسرائيل؟ – DW – 2025/10/6

 

كان يوم أسود في تاريخ إسرائيل، وقد أصابها بشكل مفاجئ: في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 اجتاز العديد من مقاتلي حماس الإسلاميين المتطرفين وميليشيات إرهابية أخرى من غزة المنشآت الحدودية المحصنة بشدة، ودخلوا إلى داخل إسرائيل، وقتلوا أكثر من 1200 شخص، واختطفوا نحو 250 شخصًا آخرين كرهائن إلى قطاع غزة. ولا تزال هذه الصدمة ماثلة ومحسوسة حتى اليوم في إسرائيل.

قطاع غزة، مدينة غزة 2025 - نازحون فلسطينيون في خيام مؤقتة على الساحل
منطقة مدمرة: منظر لمدينة غزة في أيلول/سبتمبر 2025صورة من: Hassan Jedi/Anadolu Agency/IMAGO

وسنتان كانتا أيضًا من أسود السنوات في تاريخ الفلسطينيين. فبعد يوم واحد فقط، قررت الحكومة الإسرائيلية الهجوم على حماس في قطاع غزة. ومنذ ذلك الحين قُتل في غزة ـ بحسب وزارة الصحة التي تديرها حماس ـ أكثر من 65 ألف شخص وجُرح أكثر من 160 ألف شخص – وربما يكون عدد الضحايا الحقيقي أعلى من ذلك. وبحسب الأمم المتحدة فقد دمرت أو تضررت أكثر من 90 بالمائة من المباني السكنية في القطاع. وتنتشر في أجزاء كبيرة من قطاع غزة مجاعة حادة، وفق تقارير أممية. ويوجد أكثر من 1.9 مليون نازح داخليًا – في منطقة تزيد مساحتها قليلًا فقط عن مساحة مدينة بريمن في شمال ألمانيا.

 

أهداف حرب إسرائيل تحققت جزئيًا فقط

وتحت وقع مذبحة 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن هدفين للحرب: تحرير جميع الرهائن وتدمير حماس كليًا. وبعد عامين، وعلى الرغم من جميع الجهود، لم يتحقق الهدفان بشكل تام. فمن بين 251 رهينة، عاد حتى الآن إلى إسرائيل 148 أحياء – ولم يحرر الجيش الإسرائيلي منهم إلا ثمانية فقط. أما الـ140 الباقين فقد أطلقت سراحهم حركة حماس – وغالبًا مقابل عدد كبير من الفلسطينيين المعتقلين في إسرائيل.

وأعادت حماس أيضًا جثث العديد من الرهائن الذين فقدوا حياتهم. ولكن ما يزال يوجد بحسب الحكومة الإسرائيلية 47 رهينة في قبضة حماس. ومع ذلك من المفترض أنَّ نحو 20 منهم فقط لا يزالون على قيد الحياة.

إسرائيل، تل أبيب 2025 - مظاهرة من أجل وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن (27.09.2025)
انقسام داخل إسرائيل بين مؤيد للتفاوض لإنهاء الحرب في غزة واستعادة الرهائن وبين من يطالب بمواصلة الحرب حتى القضاء على حماس صورة من: Mostafa Alkharouf/Anadolu/picture alliance

وحماس أيضًا لا تزال موجودة. وبالرغم من تمكن إسرائيل خلال السنتين الماضيتين من قتل الكثير من مقاتلي هذه الجماعة المصنفة كمنظمة إرهابية في إسرائيل والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، فقد تحدثت منظمة اللوبي اليهودي الأمريكية “جي ستريت” في تقرير نشر مؤخرًا عن حوالي 23 ألف مقاتل. وقد اغتال الجيش الإسرائيلي أيضًا العديد من القادة البارزين، مثل إسماعيل هنية ويحيى السنوار. ولكن مع ذلك ما تزال حركة حماس نشطة. وقد تحولت بحسب منظمة “جي ستريت” من منظمة شبه عسكرية إلى قوة حرب عصابات لامركزية.

وإذا تم بالفعل تنفيذ خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المكونة من 20 نقطة وتم تقديمها الأسبوع الماضي من أجل غزة، فسيحدث من جديد حراكا في وضع الحرب في غزة، لأنَّ الخطة تنص على إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين. بالإضافة إلى نزع سلاح حماس؛ والمقاتلون الذين “يعترفون بالتعايش السلمي” سيحصلون بموجب الخطة على عفو. وسيكون هذا في الواقع نهاية حماس كميليشيا مسلحة. ولكن يبقى من غير المؤكد إن كان من الممكن أصلًا القضاء على أيديولوجيتها بشكل تام.

إضعاف أعداء إسرائيل عسكريًا

بيد أنَّ الصراع الدموي خلال العامين الماضيين لم يقتصر على غزة. فحزب الله اللبناني والحوثيون في اليمن تضامنوا مع حماس مباشرة بعد بدء حرب غزة – وهذه المنظمات الثلاث تعتبر مدعومة ماليًا وعسكريًا من إيران.

واتخذت إسرائيل إجراءات عسكرية ناجحة جدًا ضد جميع هذه المنظمات. فقد قتلت الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله في غارة جوية ببيروت وقادة آخرين في الحزب، كما سقط العديد من مقاتلي الحزب ضحايا هجومٍ مثير بأجهزة البيجر اللاسلكية. وبواسطة الغارات الجوية الإسرائيلية في لبنان وجنوبه والتقدم الميداني هناك، تم إضعاف حزب الله بشكل ملحوظ.

لبنان، بيروت - لافتة عليها صورة زعيم حزب الله الذي اغتالته إسرائيل حسن نصر الله
مجمع سكني في بيروت دمرته غارة جوية إسرائيلية. لا يزال معلق على جدار منزل ملصق لزعيم حزب الله الذي اغتالته إسرائيل حسن نصر الله صورة من: DW

وكذلك نفذ سلاح الجو الإسرائيلي هجمات ضد إيران طيلة أيام، أدت إلى أضرار شديدة في البرنامج النووي الإيراني. وقد كانت حقيقة التمكن من قتل زعيم حركة حماس إسماعيل هنية في غارة جوية إسرائيلية في وسط طهران بمثابة وصمة عار إضافية للنظام الإيراني.

ومن خلال إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد في سوريا نهاية عام 2024، خسرت إيران حليفًا آخر في المنطقة. وبالتالي فإنَّ أعداء إسرائيل الذين كانوا متحدين فيما يعرف باسم “الهلال الشيعي” في إيران وسوريا ولبنان ، إضافة إلى فصائل في غزة تعرضوا لضربات شديدة، وأصبحت هيمنة إسرائيل العسكرية في المنطقة أقوى من أي وقت مضى.

إتهامات بالإبادة الجماعية

ولكن الثمن السياسي لهذه النجاحات الاستراتيجية كان مرتفعا، فقد أدى بشكل خاص أسلوب إدارة الحرب إلى توجيه انتقادات دولية كبيرة للحكومة الإسرائيلية.

وخلال السنتين الماضيتين قصف الجيش الإسرائيلي في غزة مستشفيات ومدارس، وقتل آلاف النساء والأطفال، وكذلك العديد من الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام وعمال الإنقاذ وموظفي منظمات الإغاثة. وقد منعت إسرائيل مرارًا وتكرارًا وصول المساعدات الإنسانية للسكان المدنيين المحتاجين – بذريعة أنَّها لا يجوز أن تصل إلى أيدي حماس.

وكل هذا أدى إلى اتهام الحكومة الإسرائيلية بإبادة جماعية ضد الفلسطينيين. والآن تتحدث لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، وأكبر جمعية عالمية للباحثين في مجال الإبادة الجماعية، وحتى بعض منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية مثل منظمة “بتسيلم” وأطباء من أجل حقوق الإنسان، عن أنَّ إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة – وهذا ما تنفيه الحكومة الإسرائيلية بشدة.

وفي كانون الأول/ديسمبر 2023، رفعت جنوب أفريقيا دعوى قضائية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة انتهاك اتفاقية منع الإبادة الجماعية. وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2024 أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك يوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وتم انتقاد الاجراءين بشدة من قبل إسرائيل وداعميها، وحتى أنَّ المجر أعلنت بعد ذلك عن نيتها الانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية.

المجر - رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يلتقي فيكتور أوربان في بودابست
زيارة إلى المجر رغم وجود مذكرة اعتقال دولية: في نيسان/أبريل 2025، سافر بنيامين نتنياهو إلى بودابست في زيارة رسمية إلى فيكتور أوربانصورة من: Attila KISBENEDEK/AFP

الاعتراف بدولة فلسطينية

وكذلك أدى وضع السكان المدنيين الفلسطينيين اليائس في غزة إلى موجة منالاعترافات بفلسطين كدولة مستقلة. ففي 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، كان ما يزال يوجد 137 دولة في العالم اعترفت بدولة فلسطينية؛ وبعد عامين زاد عدد الدول المعترفة بدولة فلسطينية 20 دولة أخرى، من بينها دول مهمة مثل فرنسا وبريطانيا وإسبانيا وأستراليا وكندا.

وجميع هذه الدول تريد التعبير عن تمسكها بحل الدولتين في الشرق الأوسط، مع أنَّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد رفض هذه الفكرة بوضوح. وهو يدين الاعتراف باعتباره “مكافأة” لإرهاب حماس – وهذا بالرغم من أنَّ جميع الدول المعترفة بدولة فلسطينية حديثًا قد استبعدت إمكانية أن تلعب حماس دورًا في تشكيل الدولة الفلسطينية المستقبلية.

وردًا على استمرار الحرب في غزة، قامت العديد من الدول بتجميد صادراتها من الأسلحة إلى إسرائيل. وفرضت مجموعة دول، منها كولومبيا وجنوب إفريقيا وماليزيا، عقوبات على إسرائيل.

وحتى الاتحاد الأوروبي يناقش منذ فترة طويلة فرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل – ويدعو عدد متزايد من الدول الأعضاء مثلًا إلى تعليق اتفاقية شراكة الاتحاد الأوروبي مع إسرائيل، وتقييد السفر بدون تأشيرة للمواطنين الإسرائيليين، وحظر الواردات من المستوطنات الموجودة في الضفة الغربية. ولكن ألمانيا وبعض دول الاتحاد الأوروبي الأخرى ترفض حتى الآن المشاركة في اتخاذ هذه الخطوات.

 

انقسامات داخل إسرائيل

وحتى داخل إسرائيل نفسها، تختلف الآراء كثيرًا حول كيفية مواصلة إسرائيل عملياتها في غزة. ويريد بشكل خاص الوزيران اليمينيان المتطرفان إيتامار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش استمرار الإجراءات العسكرية الشديدة ضد حماس. وكلاهما يتطلعان أيضًا إلى ضمّ الضفة الغربية من قبل إسرائيل، وهذا سيُفشل حل الدولتين بشكل نهائي.

 في المقابل هناك مجموعات أخرى من سكان إسرائيل تضغط بشدة منذ أشهر من أجل إنهاء القتال – وخاصة أقارب الرهائن ومؤيديهم. ويتظاهرون أسبوعيًا من أجل التوصل إلى حل تفاوضي – ويشعرون بأنَّ حكومتهم قد تخلت عنهم.

وهناك مجموعات أخرى احتجت مرارًا وتكرارًا ضد الحرب: مواطنون إسرائيليون عرب، وقدامى المحاربين، وأقارب المجندين في الخدمة العسكرية. وبشكل عام يؤيد بحسب استطلاع أجري في تموز/يوليو 2025 أكثر من 70 بالمائة من الإسرائيليين وقف إطلاق النار في غزة. ومع ذلك فإنَّ المجتمع الإسرائيلي منقسم بعمق، وكتل المؤيدين والمعارضين للعمل العسكري في غزة أصبحت في الآونة الأخيرة أكثر تشددًا.

إسرائيل، القدس 2025 - احتجاجات من أجل عودة الرهائن
انقسام داخل إسرائيل بين مؤيد للتفاوض لإنهاء الحرب في غزة واستعادة الرهائن وبين من يطالب بمواصلة الحرب حتى القضاء على حماس صورة من: Tania Kraemer/DW

بصيص أمل: خطة ترامب

في الأسبوع الماضي، أعادت خطة دونالد ترامب تحريك الجمود الدبلوماسي بشأن الصراع المحتدم في غزة. ولكن ما يزال من غير الواضح إن كان سيتم تنفيذها بالفعل.

وحتى لو نجحت مبادرة الرئيس الأمريكي في إسكات البنادق بشكل دائم بعد 24 شهرًا من الحرب في غزة: فإنَّ الجروح التي لحقت بالطرفين في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 وخلال السنتين التاليتين، ستبقى – لسنوات وربما لعقود قادمة.

أعده للعربية: رائد الباش

هل تستطيع إسرائيل تدمير حماس حقا؟

To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video


Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى