أخبار العالم

واشنطن تخلت عن أوروبا وعليها مساعدة نفسها! – DW – 2025/12/10

هل تهدد أوروبا “إبادة حضارية”، وخصوصا بسبب الهجرة؟ هل لم تعد روسيا تشكل خطراً على السلام؟ هل تقوض الدول الأوروبية بالفعل العمليات الديمقراطية؟ والأخطر من ذلك كله: هل سيكون هدف السياسة الأمريكية المستقبلية في عهد الرئيس دونالد ترامب هو التدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدول الأوروبية، كما أعلنت ذلك صراحةً “استراتيجية الأمن القومي” الجديدة للولايات المتحدة، التي أُعْلِن عنها يوم الجمعة الماضي؟

برلين: روسيا أعادت الحرب إلى أوروبا

وعلى أي حال، فإن الغضب بين السياسيين الألمان كبير بشأن هذه التصريحات الصادرة عن واشنطن. ومن جانب الحكومة، هناك جهود يائسة تقريبًا للتأكيد على آخر الروابط مع الحليف الأهم حتى الآن، بدأها المتحدث باسم الحكومة سيباستيان هيله في برلين صباح يوم الاثنين (8 ديسمبر/ كانون الأول 2025)، إذ قال: “أوروبا والولايات المتحدة مرتبطتان تاريخياً واقتصادياً وثقافياً وستظلان شريكتين وثيقتين. لكننا نرفض النبرة الانتقادية أحيانا تجاه الاتحاد الأوروبي”. مضيفا: “نرفض أيضاً الاتهامات بأن ألمانيا وأوروبا تعيق حرية التعبير”. وتابع هيله أن “القول بأن روسيا لم تعد تشكل خطراً ليس صحيحاً، ونحن لا نشارك هذا الرأي”. وأكد أن “ألمانيا تلتزم بتقييم حلف الناتو بأن روسيا تشكل خطراً على السلام والحرية والاستقرار. لقد أعادت روسيا الحرب إلى أوروبا”.

لقاء بين كير ستارمر وفلوديمير زيلينسكي وإيمانويل ماكرون وفريدريش ميرتس في العاصمة البريطانية لندن (8/12/2025)
”مصير أوكرانيا هو مصير أوروبا“: دعم واسع للرئيس زيلينسكي (الثاني من اليمين) في لقاء مع قادة أوروبا في لندن. (8/12/2025)صورة من: Toby Melville/REUTERS

وأجرى المستشار الألماني فريدريش ميرتس يوم الاثنين في لندن محادثات مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، حول الوضع في البلاد التي تتعرض لهجوم روسي. كما ناقشوا أيضا الاستراتيجية الأمنية الأمريكية الجديدة، لا سيما أهميتها لأوكرانيا. وفي بداية اجتماع لندن، قال ميرتس إن مصير أوكرانيا هو مصير أوروبا أيضًا: “لا ينبغي لأحد أن يشكك في دعمنا لأوكرانيا”.

الأمل في عدم وجود خطط أمريكية ملموسة للآن

لكن الخبراء في مكتب المستشارية في برلين لم يتفاجأوا بتاتاً بالخطط الجديدة للولايات المتحدة للتعامل مع أوروبا. وتُلخص ميشائيلا كوفنر، كبيرة مراسلي DW، والتي رافقت ميرتس مؤخرًا في العديد من الرحلات، الأمر على النحو التالي: “لا تزال الصدمة التي أحدثتها خطة ترامب الأصلية المكونة من 28 نقطة بشأن أوكرانيا عميقة جدًا في مكتب المستشارية، لدرجة أن الاستراتيجية الأمنية الأمريكية الجديدة لم تفاجئ أحدًا هنا”. وتضيف كوفنر أنه “كان واضحًا بالفعل إدراك أن أوروبا لن تضطر فقط إلى الاستغناء عن الولايات المتحدة في المستقبل، بل إن واشنطن تسعى جاهدة إلى تفكيك الاتحاد الأوروبي إلى دول قومية متجانسة عرقيًا”.

لكن من وجهة نظر كوفنر، فإن هناك أملا ينبع من نقطة ضعف رئيسية في إدارة ترامب “فعلى عكس الاستراتيجيات الأمنية السابقة، التي كانت كل جملة فيها مدعومة بخطط عمل داخلية، تبدو الوثيقة الجديدة الصادرة عن واشنطن أشبه بورقة موقف أيديولوجي”.

يبدو أن العلاقة مع واشنطن قد انقطعت

لقد صدرت ردود فعل قوية من الأوساط السياسية في برلين، مثل نوربرت روتغن، خبير السياسة الخارجية في الكتلة البرلمانية للاتحاد المسيحي الديمقراطي. ففي رده على أسئلة من شبكة التحرير الصحفي الألمانية (RND) يوم الأحد، صرّح قائلاً: “للمرة الأولى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، لم تعد الولايات المتحدة تقف إلى جانب الأوروبيين”. وأضاف روتغن: “والأهم تقريبا في الوقت الراهن هو أنها لم تعد تقف إلى جانب أوكرانيا أيضاً. وهذا يجعل من الضروري للغاية التمسك بموقفنا بشأن استخدام مليارات الدولارات من الأصول الروسية المجمدة في أوروبا، وخاصة في بلجيكا، لإعادة إعمار أوكرانيا. وينطبق هذا أيضاً على الولايات المتحدة”.

ووصف روتغن هذه اللحظة بأنها “لحظة مصيرية” لأوروبا: “إذا فشلنا في حشد الأصول الروسية لمساعدة أوكرانيا، فسيعني ذلك أننا غير مستعدين للدفاع عن أنفسنا وعن سيادتنا”. بعبارة أخرى: يبدو أن العلاقة بين واشنطن والعواصم الأوروبية قد انقطعت. ولم يعد بإمكان أوروبا سوى مساعدة نفسها.

”لحظة مصيرية لأوروبا“: نوربرت روتغن، الخبير في الشؤون الخارجية بالحزب المسيحي الديمقراطي، خلال خطاب ألقاه في البوندستاغ. (5/12/2025)
”لحظة مصيرية لأوروبا“: نوربرت روتغن، الخبير في الشؤون الخارجية بالحزب المسيحي الديمقراطي، خلال خطاب ألقاه في البوندستاغ. (5/12/2025)صورة من: Kay Nietfeld/dpa/picture alliance

كما أعرب حزب الخضر المعارض عن قلقه العميق بعد الخطة الاستراتيجية الأمريكية. وقالت زعيمة الحزب فرانزيسكا برانتنر لصحف مجموعة “فونكه ميديا” الألمانية إن الوثيقة الأمريكية الجديدة تعني بالنسبة لأوروبا أنه لا مجال لتضييع المزيد من الوقت. يجب على القارة الآن أن تستثمر في (ضمان) سيادتها.

أعده إلى العربية: صلاح شرارة

تحرير: عبده جميل المخلافي

 


Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى