رغم خفض الضرائب.. لماذا يرتفع سعر تذاكر الطيران في ألمانيا؟ – DW – 2025/12/9

على الرغم من قرار الحكومة الألمانية خفض ضريبة النقل الجوي، يتوقع خبراء أن تستمر أسعار تذاكر الطيران في الارتفاع، مشيرين إلى أن المشكلة الحقيقية تكمن في النقص العالمي غير المسبوق في الطائرات، وليس في التكاليف التشغيلية المرتفعة للمطارات الألمانية.
ويصف خبير الطيران جيرالد فيسل، من شركة “إيربورن كونسلتينغ” (Airborne Consulting)، هذا الإجراء الحكومي بأنه “سياسة رمزية بحتة”، مؤكداً أن “هذه الخطوة ستبوء بالفشل”. ويتوقع فيسل، في حوار مع DW، أن تتنازل الدولة عن إيرادات ضريبية دون أن يستفيد الركاب من هذا التخفيض. فبينما ستوفر شركات الطيران حوالي 15 يورو لكل تذكرة، لن يتم تمرير هذا التخفيف إلى المسافرين بسبب نظام التسعير الديناميكي الذي تعتمده الشركات.
موقع ألمانيا باهظ التكاليف
أعلنت الحكومة الفيدرالية في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني عن خفض ضريبة النقل الجوي اعتباراً من 1 يوليو/تموز 2026، لتعود إلى مستواها قبل الزيادة الأخيرة في مايو/أيار 2024. ويتراوح التخفيض بين ثلاثة و13 يورو لكل تذكرة، حسب مسافة الرحلة. وقد رحبت صناعة الطيران، التي تشتكي من ارتفاع التكاليف التشغيلية في ألمانيا، بهذا القرار.
وأوضح يواكيم لانغ، المدير العام للاتحاد الألماني لصناعة الطيران (BDL)، أن “الحكومة الفيدرالية وضعت حداً لدوامة التكاليف المتصاعدة للضرائب والرسوم على الطيران من ألمانيا، وهذه إشارة مهمة”. ومن المتوقع أن تنخفض التكاليف الحكومية للطيران من ألمانيا بنحو 10% بفضل هذا التخفيض.
ومع ذلك، يرى فيسل أن الانتقادات الصارخة الموجهة لارتفاع التكاليف في ألمانيا تخفي مشكلة جوهرية أخرى، وهي نقص الطائرات. فشركات الطيران منخفضة التكلفة مثل “إيزي جيت” (Easyjet) و”رايان إير” (Ryanair) لم تخفض رحلاتها بسبب الرسوم المرتفعة، بل لأنها “تفتقر ببساطة إلى الطائرات”.
التعافي من نكسة كورونا
تعكس الإحصاءات تعافي قطاع الطيران الأوروبي. فوفقاً لبيانات مجلس المطارات الدولي الأوروبي (ACI)، ارتفع عدد الركاب في المطارات الأوروبية عام 2024 بنسبة 7.4% مقارنة بالعام السابق، متجاوزاً للمرة الأولى مستوى ما قبل جائحة كورونا في عام 2019.
وفي ألمانيا، ارتفع عدد الركاب الخاضعين للضريبة من 62 مليون راكب في عام 2022 إلى 81 مليون راكب العام الماضي، وفقاً لمكتب الإحصاء الألماني الاتحادي (Destatis). ورغم هذا النمو، لم يتم الوصول بعد إلى مستوى عام 2019 الذي سجل 96 مليون مسافر.
وعلى النقيض من أعداد الركاب، تجاوزت عائدات ضريبة النقل الجوي مستوى ما قبل الجائحة بكثير. فمنذ إقرار الضريبة في عام 2011 في عهد الائتلاف الحكومي بين الاتحاد المسيحي والحزب الديمقراطي الحر (CDU/CSU و FDP)، ارتفعت الإيرادات من 963 مليون يورو إلى 1.88 مليار يورو العام الماضي.
ضريبة النقل الجوي: نعمة للميزانية
يؤكد فرانك فيشرت، أستاذ السياحة والنقل في جامعة وورمز، أن ضريبة النقل الجوي والرسوم المماثلة في أوروبا تُفرض بالإضافة إلى رسوم البنية التحتية، وتُضخ “كقاعدة عامة في الميزانية العامة دون تخصيصها لغرض معين”.
ويشير فيشرت إلى أن الدولة يمكنها خفض الضرائب، لكن يجب تعويض انخفاض الإيرادات إما بزيادة الإيرادات في مجالات أخرى أو عن طريق التوفير، وهو سيناريو “يصعب تصوره في ظل الوضع المالي الحالي”. ويخلص إلى أن “ضرائب الركاب عامل مهم، لكنه ليس العامل الوحيد الذي يؤثر على جاذبية الموقع”.
أسطول عالمي عفا عليه الزمن
العامل الأهم الذي لا يُناقش غالباً هو نقص الطائرات. فوفقاً لدراسة حديثة للاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA)، تعاني شركات الطيران عالمياً من نقص غير مسبوق في الطائرات قد يستمر لعقد آخر. وتحذر الرابطة من “نقص في الأسطول” يزيد عن 5000 طائرة، نتيجة فجوات الإنتاج خلال الوباء وتراكم الطلبات.
ويبلغ متوسط عمر الأسطول التجاري العالمي حالياً 15 عاماً، وهو الأعلى في تاريخ الطيران. ويُضاف إلى ذلك نقص هيكلي في عدد الطيارين.
“رايان إير” و”إيزي جيت” تلغيان رحلات
يوضح الخبير فيسل أن “رايان إير” و”إيزي جيت” هما الأكثر تضرراً من نقص الطائرات. فقد أعلنت “إيزي جيت” عن زيادة في سعة المقاعد لعام 2026 تتراوح بين 2% و4%، وهي نسبة أقل من متوسط المجموعة البالغ 7%، وفقاً لتصريح رئيس الشركة في ألمانيا ستيفان إرلر لموقع “إيرلاينرز” (Airliners).
كما ألغت “رايان إير” بعض الرحلات في ألمانيا، حيث ستفقد برلين 76 من أصل 246 رحلة أسبوعية في يناير/كانون الثاني، وتفقد كولونيا 44 رحلة. ويجد فيسل أنه “من المفهوم أن تستخدم شركات الطيران مواردها المحدودة في الأماكن الأكثر ربحية”.
لكنه يختتم بتوقعه بأن “رايان إير” ستعود إلى ألمانيا، أكبر سوق للطيران في أوروبا، بمجرد توفر الطائرات، لأنها “لا تريد أن تترك السوق للوفتهانزا“.
أعده للعربية: عماد حسن
تحرير: عادل الشروعات
Source link



