عام على سقوط الأسد ولا تزال رحلة البحث عن المفقودين مستمرة – DW – 2025/12/8

عندما انهار نظام الأسد في ديسمبر/ كانون الأول 2024 وفر إلى روسيا، اعتقدت عائلات المفقودين أن اللحظة المنتظرة قد حانت. كانوا يأملون في فتح سجلات السجون، ومعرفة ما إذا كان أبناؤهم قد ماتوا، ومتى حدث ذلك وكيف. كما حلموا باستخراج الرفات من المقابر الجماعية التي حفرتها قوات الأسد، وإعادة دفن الضحايا بشكل لائق. لكن بعد عام كامل، لم يتحقق أي من هذه الوعود، وبقيت الحقيقة غائبة.
فرغم مرور عام على الإطاحة بالحاكم المستبد بشار الأسد في سوريا، لم يتغير الكثير في رحلة عائلات المفقودين للبحث عنهم. وتعمل الهيئة الوطنية للمفقودين، التي تشكلت في مايو/ أيار الماضي، على جمع أدلة عن حالات الاختفاء القسري في عهد الأسد، لكنها لم تقدم بعد للعائلات أي دلائل بشأن ما يقدر بنحو 150 ألف شخص اختفوا في سجونه سيئة السمعة.
عندما اجتاح مقاتلو المعارضة المدن السورية العام الماضي في زحفهم للسيطرة على دمشق، سارعوا أولا إلى السجون، وفتحوا الأبواب على مصراعيها لتحرير الآلاف من السجناء الذين كانوا في حالة من الذهول.
وفي الثامن من ديسمبر/ كانون الأول 2024، وبعد ساعات من فرار الأسد إلى روسيا، أطلق مقاتلو المعارضة سراح العشرات من سجن صيدنايا، الذي وصفته منظمة العفو الدولية بأنه “مسلخ بشري” بسبب عمليات التعذيب والإعدام واسعة النطاق التي جرت هناك.
وفي غياب أي مستجدات من الهيئة الوطنية، أصبح الكثير من ذوي المفقودين مهووسين بالبحث على الإنترنت، حيث يدققون في صور المعتقلين القتلى وصور وثائق السجون التي نشرتها وسائل الإعلام السورية التي دخلت إلى السجون ومقرات الأمن بعد سقوط الأسد.
الهيئة الوطنية للمفقودين تطلب المساعدة والرقابة
تشكلت الهيئة الوطنية على يد الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، وهو قائد سابق في قوات المعارضة. وقالت زينة شهلا، المستشارة الإعلامية للهيئة، لرويترز إن التفويض يشمل أي سوري مفقود، مهما كانت الظروف. وأضافت “بالنسبة لألم العائلات، ربما فعلا نحن بطيؤون، لكن يعني هذا الملف يحتاج إلى السير فيه بتأن بطريقة علمية ومنهجية وليس بتسرع”. وتأمل الهيئة العام المقبل في إطلاق قاعدة بيانات لجميع المفقودين باستخدام وثائق من السجون ومواقع أخرى.
وأضافت شهلا أناستخراج الرفات من المقابر الجماعية يتطلب خبرة فنية أكبر، وربما لن يتم قبل عام 2027. واجتمعت الهيئة مع جماعات مناصرة سورية وبعض العائلات. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني، وقّعت اتفاقية تعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومقرها جنيف واللجنة الدولية لشؤون المفقودين، اللتين تتمتعان بخبرة عالمية في هذه المسألة.
وتأمل الهيئة السورية أن يؤدي ذلك إلى مزيد من التدريب لموظفيها وإمكانية الوصول إلى المعدات التي تشح في سوريا، ومنها مختبرات فحص الحمض النووي للرفات المستخرجة.
وقالت شهلا “نحن نرحب بأي نوع من أنواع التعاون والدعم الذي يمكن أن نحصل عليه، طبعا مع بقاء الملف تحت سيادة وتنفيذ الجهة، الهيئة الوطنية للمفقودين”.
استبعاد المنظمات واحتكار الوثائق
وأفادت ست منظمات حقوقية لرويترز أن نهج الحكومة أثار استياء المنظمات التي اكتسبت خبرة في حالات الاختفاء القسري أثناء وجودها في المنفى في عهد الأسد. وكان الكثيرون متحمسين لتطبيق هذه المعرفة على أرض الواقع بعد رحيل الأسد، لكنهم يقولون إن النهج المركزي للحكومة استبعدهم وأبطأ التقدم وترك العائلات في حالة من الغموض.
قال أحمد حلمي، وهو ناشط سوري يقود مبادرة “تعافي”، وهي مبادرة تركز على المعتقلين المفقودين والناجين من السجون “عندما يكون هناك ما يصل إلى ربع مليون شخص في عداد المفقودين، لا يمكنك فعل ذلك. أنت تقسم العمل”.
ويتهم النشطاء الهيئة “باحتكار” الوثائق المتعلقة بالاعتقالات. ففي سبتمبر/ أيلول، اعتقلت السلطات السورية لفترة وجيزة عامر مطر، وهو ناشط أسس متحفا افتراضيا لتوثيق تجارب المعتقلين، متهمة إياه بالوصول بشكل غير قانوني إلى وثائق رسمية لأغراض شخصية.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني، حثت الهيئة العائلات على عدم تصديق أي وثائق متعلقة بالاعتقالات تنشر على منصات إلكترونية غير رسمية، وهددت باتخاذ إجراءات قانونية ضد تلك المنصات. وقال مطر “تريد الهيئة احتكار الملف، لكنها تفتقر إلى الأدوات والكفاءة والشفافية. إنها تطلب ثقة العائلات لكنها لا تحقق أي نتائج”.
وأوضحت شهلا أن الهيئة هي “الجهة المركزية الرسمية المخولة بالكشف عن مصير” المفقودين، وأن العائلات بحاجة إلى جهة واحدة تلجأ إليها للحصول على إجابات دقيقة.
وقالت أنياس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، إنه ينبغي على الهيئة إصدار تحديثات منتظمة حول سير عملها والنظر في منح مساعدات مالية لأقارب المفقودين. وأضافت لرويترز “أهم ما يمكن أن تفعله الهيئة الوطنية في الوقت الحالي هو ضمان شعور العائلات بأن أصواتهم مسموعة ويتلقون الدعم”.
ورغم مرور عام على سقوط الأسد في سوريا، لا يزال الكثيرون منهكين من العبء نفسه الذي أرهقهم في ظل حكمه: عدم معرفة مصير ذويهم.
تحرير: عادل الشروعات
Source link



