أخبار العالم

شبكات كابلات أرضية تربط الخليج بأوروبا.. “خط حرير” للإنترنت؟ – DW – 2025/12/8

إنها استثمارات ضخمة: تريد شركة الاتصالات أوريدو Ooredoo التي تتخذ من قطر مقرا لها أن تستثمر نصف مليار دولار أمريكي (4.3 مليار يورو) في السنوات القادمة في  خط ألياف ضوئية أرضي جديد. ومن المقرر أن يمتد هذا الخط من شبه الجزيرة العربية إلى أوروبا. وحسب ما أوردته وكالة الأنباء القطرية مؤخرا من المقرر أن يبدأ الخط في عمان ومن هناك يمتد عبر العراق وتركيا حتى مرسيليا.

وبصرف النظر عن ذلك تفيد تقارير صحفية أن المملكة العربية السعودية وسوريا تتفاوضان بشأن إنشاء خط جديد. ومن المقرر أن يمتد هذا الخط أيضا من شبه الجزيرة العربية وبشكل أكثر تحديدا من المملكة العربية السعودية إلى أوروبا.

ويجدر الإشارة إلى أن قطر والمملكة العربية السعودية تحاولان الآن إقامة اتصال بري، كما يقول الباحث في مجال التنظيم والتحول في برلين، أياد العاني في مقابلة مع DW. “لأن هذا الاتصال البري يستوجب أن يكون العراق وسوريا بلدين آمنين للعبور يمكن الاستثمار فيهما. وبذلك يتم دمج البلدين بشكل أقوى في  نظام الاتصالات والبيانات الدولي مما قد يعود بالفائدة على الاقتصاد الرقمي المحلي. ومن المتوقع أن يعزز ذلك تنميتهما الاقتصادية”.

رد فعل على الأزمات الأخيرة

وأشار عزيز العثمان فخرو، الرئيس التنفيذي لشركة Ooredoo إلى أن بناء الشبكة الجديدة يرجع أيضا إلى الأزمات الأخيرة. وحسب ما نقلته وكالة الأنباء القطرية فإن هذا سيقوي مرونة الشبكات العالمية ويخلق مسارات بديلة. وبذلك يمكن تجاوز  التحديات الحالية في البحر الأحمر  ومضيق هرمس.

في الواقع تُعتبر هاتان المنطقتان البحريتان حاليا من المناطق الحساسة من وجهة نظر مشغلي الشبكات. يفصل مضيق هرمس شبه الجزيرة العربية عن إيران ويفصل إيران عن دول كانت حتى وقت قريب في حالة من التنافس الشديد معها وهي المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وقد شهدت السنوات الماضية صراعات عنيفة مع المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص. لكن قطر نفسها تربطها علاقات جيدة مع إيران.

اليمن باب المندب 2018، قوارب صيد يمنية في مضيق باب المندب الاستراتيجي
يمر عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب 15 كابلا بحريا عابرا للقارات. 80 في المائة من حركة البيانات بين آسيا وأفريقيا وأوروبا تمر عبر هذا المضيقصورة من: Karim Sahib/AFP/Getty Images

أما الوضع في البحر الأحمر فهو أكثر هشاشة. يمر عبر  مضيق باب المندب  22000 سفينة سنويا. كما أن  الشبكة الرقمية كثيفة هناك أيضا، إذ يمر من هناك حاليا 15 كابلا بحريا عابرا للقارات. وحسب شركة الاتصالات هونغ كونغ غلوبال كوميونيكيشنز فإن 80 في المائة من حركة البيانات بين آسيا وأفريقيا وأوروبا تمر عبر هذا المضيق.

هجمات متكررة على البنية التحتية الرقمية

كانت هذه الكابلات هدفا متكررا للهجمات أو على الأقل كان من الممكن أن تكون كذلك حيث لم يكن من الممكن دائما إثبات التلف المتعمد بشكل قاطع.

حدث أول عطل في عام 2008. وحسب دراسة أجرتها كلية هنري جاكسون للدراسات الدولية بجامعة واشنطن تعرضت خمسة كابلات للتلف في ذلك الوقت. ثلاثة منها كانت تربط بين آسيا وأوروبا. ونتيجة لذلك فقدت مصر مؤقتا 70 في المائة من اتصالها  بالإنترنت والهند 50 إلى 60 في المائة. وما زال من غير الواضح حتى اليوم ما إذا كان هذا التلف متعمدا أم لا.

خلال حرب غزة دعم المتمردون الحوثيون في اليمن حركة حماس الإسلاموية المتطرفة. وفي هذا السياق لم يقتصر هجومهم على الملاحة الدولية  عبر البحر الأحمر على مدى أشهر، بل تسببوا أيضا في تلف أربعة من أصل 15 كابلا تمر عبر المنطقة، حسب شركة الاتصالات هونغ كونغ غلوبال كوميونيكيشنز في ربيع عام 2024، ومن بينها كابل آسيا أفريقيا أوروبا 1 ، الذي يربط القارات الثلاث ببعضها البعض. وبالتالي تأثر ما يزيد عن ربع حركة البيانات الإجمالية. وفي بيان لها وصفت شركة هونغ كونغ غلوبال كوميونيكيشنز كيف حافظت على الاتصالات بين القارات: فقد حولت جزءًا من البيانات عبر البر الرئيسي الصيني إلى أوروبا وجزءًا آخر عبر الولايات المتحدة وجزءًا ثالثا عبر  الكابلات البحرية السليمة عبر البحر الأحمر.

قطاع الاتصالات: توسع منهجي

ومن المقرر أن تمنع الشبكتان المخطط إنشاؤهما وقوع حوادث مثل هذه. وحسب وكالة الأنباء القطرية أوضح عزيز العثمان فخرو، رئيس مجلس إدارة شركة Ooredoo أن المنطقة تعد مركزا لوجستيا ورقميا عالميا حيث تمر عبرها 30% من البيانات العالمية و90% من البيانات المتبادلة بين أوروبا وآسيا.

وتقوم قطر بتوسيع قطاع الاتصالات لديها بشكل منهجي. فقد أعلنت الشركة القطرية لشبكة الحزمة العريضة 

   Qatar National Broadband Network (QNBN) وجلف بريدج إنترناشونال Gulf Bridge International (GBI) في الخريف الماضي عن رغبتهما في دمج قطاعي الاتصالات لديهما. وقد تم الآن إتمام هذا الدمج. تتخصص QNBN في كابلات الألياف الضوئية، بينما تتخصص GBI في الكابلات البحرية والبرية. من خلال دمج هذين المجالين أرادت الشركتان جعل قطر منصة رائدة لحركة البيانات الدولية عبر قطر وإلى قطر، حسب ما أوردته صحيفة The Peninsula القطرية.

مقطع عرضي لكابل ألياف ضوئية حديث
مقطع عرضي لكابل ألياف ضوئية حديثصورة من: Matthias Rietschel/dpa/picture alliance

أكثر من مجرد بنية تحتية

يضيف أياد العاني أن المشاريع لا تقتصر على البنية التحتية فحسب، بل يتم ربطها بتكنولوجيا رقمية خاصة بها مثل مراكز البيانات. تعتبر البنية التحتية وحدها اليوم مصدر دخل مهم. ولكن في سياق مراكز الحوسبة والتطوير الخاصة بها فإنها توفر الشروط اللازمة لنجاح الاقتصاد الرقمي.

وتحاول قطر حاليا جذب شركات الذكاء الاصطناعي المبتكرة من أوروبا وآسيا إلى قطر وتقديم بوابة سلسة للتواصل في الشرق الأوسط، حسب تقرير GBI. وحسب صحيفة “جولف تايمز” الصادرة في أكتوبر 2024 فإن الهدف النهائي من دمج أقسام شركتي QNBN و GBI هو توسيع الحضور العالمي. وتهدف هذه الخطوة إلى تلبية الطلب المتزايد على الاتصال عبر الحدود للبيانات.

ويقول أياد العاني إن قطر مثلها مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تراهن على هذه الشبكات في مرحلة ما بعد الوقود الأحفوري. ولا تتمتع الدولتان بموقع استراتيجي متميز في تقاطع ثلاث قارات وهي آسيا وأفريقيا وأوروبا. و”تتمتع المنطقة أيضا بطاقة شمسية غير محدودة تقريبا لتشغيل مراكز البيانات وهي طاقة رخيصة نسبيا. وهذا يمثل ميزة كبيرة في هذا القطاع الذي يستهلك الكثير من الطاقة. لا حاجة إلى محطات طاقة نووية إضافية، كما هو الحال في الولايات المتحدة على سبيل المثال”.

أعده للعربية: م.أ.م (ع.ج.م)

 


Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى