مخاوف بشأن آلاف من محاصري الفاشر والبابا “حزين” على السودان – DW – 2025/11/2

قالت منظمة إغاثة الأحد (الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني 2025) إن آلافا قليلة من السودانيين فقط وصلوا إلى أقرب مخيم للنازحين في الأيام التي تلت سيطرة قوات الدعم السريع شبه العسكرية السودانية على مدينة الفاشر، وهو ما أثار مخاوف بشأن عشرات الآلاف الذين ربما ما زالوا محاصرين بينما تحدث الناجون عن جرائم قتل وغيرها من الفظائع.
وجدد البابا ليو الرابع عشر اليوم الأحد دعوته إلى وقف إطلاق النار و”فتح ممرات إنسانية عاجلة” في السودان الغارق في حرب أهلية دامية، منددا بـ”المعاناة غير المقبولة” التي يتكبدها شعب “أنهكته شهور طويلة من النزاع”.
البابا يندد بـ”معاناة السودانيين غير المقبولة”
وقال البابا خلال صلاة التبشير في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان “أتابع بحزن عميق الأخبار المأساوية الواردة من السودان، ولا سيما من مدينة الفاشر في ولاية شمال دارفور المنكوبة”.
وأضاف الحبر الأعظم الأمريكي من شرفة القصر البابوي أن “أعمال العنف العمياء ضد النساء والأطفال، والهجمات على المدنيين العزل، والعراقيل الخطيرة أمام العمل الإنساني، تتسبّب في معاناة لا تُطاق لشعب أنهكته شهور طويلة من النزاع”. وتابع: “أجدد ندائي الرسمي إلى جميع الأطراف المعنيّة لوقف إطلاق النار وفتح ممرات إنسانية عاجلة”.
“مِن الصعب نجاة مَن لا يزالون في الفاشر”
وقالت وكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة اليوم الأحد إن تقديراتها تشير إلى أن أكثر من 8 آلاف شخص نزحوا من الفاشر يومي السبت والأحد. وأضافت أن إجمالي 70894 شخصا نزحوا منذ سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة.
ومع ذلك، وصل أقل من 6 آلاف شخص إلى أقرب مخيم في منطقة طويلة على بعد (65 كيلومترا)، بحسب ما قال شاشوات ساراف، مدير السودان بالمجلس النرويجي للاجئين، الذي يدير المخيم.
وقال إن نحو ألف شخص وصلوا إلى المخيم في الأيام الثلاثة الماضية. وأضاف ساراف لوكالة أسوشيتد برس (أ ب) عبر الهاتف من طويلة: “لا تزال الأعداد قليلة للغاية. ولا نرى مئات الآلاف التي كنا نتوقعها. وإذا كان الناس لا يزالون في الفاشر، فسيكون من الصعب عليهم البقاء على قيد الحياة”.
“ضرب بالعصي” – “أنتم عبيد”
ويواجه المدنيون الفارون من العنف في مدينة الفاشر في إقليم دارفور بغرب السودان مخاطر متزايدة، بينها التجويع أو الضرب حتى الموت أو الوقوع في قبضة قوات الدعم السريع التي أصبحت تسيطر على المدينة.
ومنذ سقوط المدينة، توالت شهادات عن إعدامات ميدانية وعنف جنسي وهجمات على عمال الإغاثة وعمليات نهب وخطف، بينما لا تزال الاتصالات مقطوعة إلى حدّ كبير.
وأفاد شهود وكالة فرانس برس باعتقال الدعم السريع لمئات المدنيين أثناء محاولتهم الخروج من الفاشر عبر مدينة قرني وإطلاق سراحهم مقابل فدية تبلغ مئات الدولارات.
وأوضح أحد المفرج عنهم أنه تم احتجاز نحو 150 شخصا في غرفة واحدة قبل أن “تتم تصفية الجزء الأكبر منهم” في حين أُطلق سراح آخرين بعد دفع فديات.
ويقول حسين الذي طلب عدم ذكر اسمه الكامل حفاظا على سلامته، إنه تم احتجازه لأربعة أيام مع 200 شخص في مدرسة في قرني القريبة من الفاشر وكان “يتم ضربنا بالعصي ويقولون لنا: أنتم عبيد”.
تجمعات نازحين كبيرة شمال غرب الفاشر
ومن داخل أحد معتقلات قوات الدعم السريع في قرني، أرسل عباس الصادق مقطعا مصورا لعائلته طالبا منها إرسال مليوني جنيه سوداني (نحو 900 دولار) مقابل إطلاق سراحه.
وقال أحد أقرباء الصادق لفرانس برس إنهم لم يكونوا على علم باعتقاله حتى طلب الفدية، فقاموا بإرسالها قبل أن يُطلق سراحه.
وحذر مختبر البحوث الإنسانية في جامعة ييل الأمريكية من أن صور الأقمار الاصطناعية تشير إلى تجمعات كبيرة من النازحين في قرني شمال غرب الفاشر س”والتي تشهد انتهاكات ضخمة لحقوق الإنسان بحسب تقارير”، وفقا للمختبر.
موت بالجوع أو الضرب أو بالرصاص
ووصل حسين سالم وعائلته إلى مدينة طويلة غرب الفاشر بعد رحلة شاقة استمرت خمسة أيام شاهدوا خلالها “جثثا كثيرة غير مدفونة لأناس ماتوا من الجوع والعطش وآخرين بالرصاص”. ويقول سالم لفرانس برس، جالسا على الأرض تحت الشمس “دفنت ابني الكبير قبل أن نصل إلى قرني بعد أن ضربوه أمام عيني وعيون أطفاله”.
وتقول سعاد عبد الرحمن إنها فقدت الاتصال بوالدتها وأشقائها فور خروجهم من الفاشر “ولا أعلم إن كانوا عادوا إلى الفاشر أم ذهبوا إلى مكان آخر”. وتضيف جالسة تحت مظلة صنعت من ملابس قديمة معلقة على شجرة شوكية في أحد شوارع طويلة، “أنا هنا وحدي”.
إلى قرني كذلك، وصل آدم عيسى بملابس تحمل آثار دماء ابنيه اللذين قتلا أثناء محاولة الفرار من الفاشر. ويقول عيسى لفرانس برس “قُتل أبناي أمام عيني، 17 و21 عاما” أثناء الخروج من الفاشر بعدما اتهمهما مقاتلو الدعم السريع بالمشاركة في القتال إلى جانب الجيش.
تحت رحمة قوات منبثقة عن ميليشيا الجنجويد
وحين وصل إلى قرني الواقعة تحت سيطرة الدعم السريع “رأوا دم ولديّ على ملابسي فحققوا معي واتهموني بأنني كنت أقاتل” مع الجيش.
وبعد رحلة شاقة استمرت أياما “بلا طعام أو شراب”، وصل عيسى وعائلته إلى مدينة طويلة الواقعة على مسافة نحو 70 كيلومترا غرب الفاشر.
ولجأ الى طويلة عشرات الآلاف من النازحين الذين فرّوا من الفاشر بعد حصار استمر أكثر من عام. يفترشون الأرض في هذه المدينة وسقفهم السماء بلا أي مأوى أو رعاية صحية كافية.
وقال منسق دارفور في منظمة أطباء بلا حدود سلفان بينيكو “الناس مصدومون … كل شخص هنا يبحث عن شخص ما”. وأضاف لفرانس برس “كثيرون ممن فروا إلى (طويلة) قالوا إنه تم استهدافهم بسبب لون بشرتهم”.
وقوات الدعم السريع منبثقة من ميليشيات الجنجويد المتهمة بارتكاب إبادة جماعية ومذابح إثنية في دارفور قبل عقدين. وتواجه بدورها اتهامات بارتكاب جرائم وأعمال عنف خلال الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين.
“فظائع الدعم السريع في حق المدنيين”
وسيطرت قوات الدعم السريع على إقليم دارفور غرب السودان الأسبوع الماضي، بعد طرد الجيش السوداني من المدينة التي كانت محاصرة لمدة 18 شهرا.
ومنذ ذلك الحين، انتشرت تقارير ومقاطع فيديو عن الفظائع التي ترتكبها قوات الدعم السريع ضد المدنيين، بما في ذلك الضرب والقتل والاعتداءات الجنسية، وفقا لشهادات مدنيين وعمال إغاثة. وكان من بين القتلى ما لا يقل عن 460 شخصا قتلوا في المستشفى، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
وفر عشرات الآلاف من مدينة الفاشر بعد أن أعلنت قوات الدعم السريع السيطرة عليها بعد أكثر من 18 شهرا من حصار قاسٍ واشتباكات عنيفة مع الجيش السوداني في سياق الحرب التي اندلعت في أبريل/ نيسان 2023.
تحرير: عماد غانم
Source link



