عثمان ميرغني يكتب : وقف إطلاق النار

معلومات من ثنايا جدران المفاوضات غير المباشرة في واشنطن.. أن ملامح اتفاق لوقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أشهر بدأت تتشكل.. وأن وفدي الجيش والدعم السريع وافقا عليها من حيث المبدأ، ويستمر التشاور حول التفاصيل الفنية..
وقف إطلاق نار مؤقت واحد من أسوأ الخيارات التي قد تستعيد جذوة الحرب بأسوأ مما كانت.. بل قد تنهار قبل أن تبدأ أو في وقت مبكر بعد سريانها.. أو حتى بعد حين.. في كل الأحوال الخيار الأفضل هو وقف الحرب كليًا.. إنهاء هذه الأزمة السياسية التي دفع الشعب السوداني فاتورتها بأفدح ثمن.
كتبت كثيرًا أن المسار الأفضل إذا توفرت الإرادة السياسية لدى الحكومة السودانية أن تشرع في مفاوضات جادة مع أطراف الرباعية وبالتحديد دولة الإمارات لما لها من ثقل وتأثير دولي وإقليمي.. تسوية العلاقات مع أضلاع الرباعية الأربعة هو البداية الجادة التي تضمن إنهاء الحرب كليًا وإلى الأبد..
يتزامن مع ذلك حوار سياسي بين القوى المدنية السودانية يرسم ملامح الدولة السودانية في “اليوم التالي”.. هياكل الدولة بعد وقف الحرب.. ويجدر هنا أن أكرر أن المقصود بهياكل الدولة أن لا يتمدد الحوار إلى القضايا الخلافية أو حتى المتفق عليها. من الحكمة أن تتوافق القوى السياسية السودانية على جسم دستوري مرحلي برلماني يمثلها جميعًا مع قطاعات فئوية في المجتمع.. القانونيون – المهنيون – الدبلوماسيون – أساتذة الجامعات – المغتربون – الإعلاميون وغيرهم..
هذا الجسم البرلماني يصدر تشريعات لا توصيات.. ليضع الجميع في مسار جاد بنائي دستوري.. بدلًا من الحوار الدائري بين القوى السياسية الذي لم ينجز السلام والتسوية السياسية.
من الحكمة أن يدرك الجميع أن الأزمة في السودان سياسية من الدرجة الأولى.. خلافات بين المكونات السياسية حول الاتفاق الإطاري كان ممكنًا الصبر على وعثاء السجال السياسي لكن بدلًا من ذلك استقطبت البنادق استعجالًا لحسم المصير السياسي وهو ما لم ولن يتحقق بأفواه البنادق.
وقف إطلاق نار مؤقت لمدة ثلاثة أشهر قد يكون مدخلًا لوقف نزيف الدم وإنقاذ الناجين المشردين حاليًا، والموعودين بالتشريد مستقبلًا.. لكنه ليس حلًا دائمًا.. بل قد يكون سببًا في انتكاس الأوضاع وإطالة عمر الحرب..
من الحكمة أن ترتقي الإرادة السياسية لتحدي إنهاء الحرب تمامًا..
من حق شعب السودان أن يتفرغ لمستقبله.
التيار
المصدر من هنا
Source link



