أخبار العالم

ترامب ينقلب على بوتين ـ الغرب يُصعد سقف المواجهة ضد موسكو – DW – 2025/10/31

ألغى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشكل مبدئي أي محادثات إضافية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طالما لم يتحقق أي تقدم في جهود إنهاء حرب أوكرانيا. وقال ترامب خلال توجهه إلى آسيا “لن أضيع وقتي (..) يجب أن أعرف أننا سنصل إلى اتفاق (في حرب أوكرانيا)”. وهذا يعني عمليا إقرار الأمريكيين بفشلهم في دفع بوتين للموافقة على اتفاق سلام. الموقف الأمريكي الجديد أدى لتأجيل قمة كانت مقررة بين ترامب وبوتين في بودابست إلى أجل غير مسمى. وقال ترامب “لطالما كانت علاقتي مع فلاديمير بوتين رائعة، لكن هذا كان مخيباً جداً (..) كنت أظن أن هذا الأمر كان سيتم قبل السلام في الشرق الأوسط”. الموقف الأمريكي تُرجم أيضا على المستوى الاقتصادي، إذ فرضت واشنطن عقوبات على أكبر شركتين نفطيتين روسيتين، “روسنفت” و”لوك أويل”، فيما حاول حلفاء أوكرانيا الغربيون زيادة الضغط على موسكو. إذ دعا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الحلفاء إلى تزويد أوكرانيا بأسلحة ذات مدى أكبر. كما سارع الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات جديدة على قطاع الطاقة الروسي بهدف إضعاف اقتصاد الحرب في البلاد.

وبهذا الصدد كتبت صحيفة “صنداي تايمز” البريطانية (26 أكتوبر/ تشرين الأول 2025) معلقة “من سيربح الحرب في أوكرانيا؟من الواضح أن الطرفين ليس مستعدين لتوقيع معاهدة سلام تكون غير مواتية له. كلاهما مقتنعان بضرورة الاستمرار في القتال. في أوكرانيا، يُنظر إلى الحرب على أنها صراع من أجل البقاء الوطني. بالنسبة للرئيس زيلينسكي، فهي بالتأكيد معركة سياسية وجودية. من ناحية أخرى، بدأ الرئيس بوتين هذه الحرب، وهو الآن بحاجة إلى انتصار واضح بالنظر إلى التكلفة العالية للغاية (..) في الأسابيع الأخيرة، كثّفَت روسيا عملياتها الحربية، وأصبحت الهجمات باستخدام مئات الطائرات بدون طيار ذات المدى الطويل في ليلة واحدة أمرًا معتادًا. الهدف هو (..) استهداف البنية التحتية للطاقة الأوكرانية وتدمير إمدادات الكهرباء تزامنا مع البرد الشتوي (..) إذا نظرنا إلى قدرات أوكرانيا المتحسنة في الهجمات بعيدة المدى، فإن الصورة تبدو أكثر توازنًا. لكن روسيا تواصل بلا رحمة مهاجمة البنية التحتية الأوكرانية. وعلى المستوى الاقتصادي؟ يمكن لروسيا الاستمرار في ذلك مؤقتًا، رغم أن عقوبات النفط قد تصبح مشكلة، وقد تضطر الاتحاد الأوروبي في النهاية للتوصل إلى اتفاق بشأن الأموال الروسية المجمدة. لا يزال بوتين يشعر أن الحرب تسير لصالحه، ولهذا فهو مصمم على الاستمرار فيها”.

الولايات المتحدة تدرس تزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك بعيدة المدى

To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video

وتطالب أوكرانياحلفائها ضمن ما يسمى “تحالف الراغبين” بتعزيز قدرات أوكرانيا من الأسلحة بعيدة المدى للضغط على روسيا للتفاوض بشأن الحرب. وتستخدم أوكرانيا أسلحتها الخاصة لضرب منشآت الطاقة والمنشآت العسكرية في العمق الروسي وتسعى للحصول على صواريخ توماهوك بعيدة المدى من واشنطن لكنها لم تحصل عليها بعد. ودار الحديث مؤخرا عن إمكانية ظهور صواريخ توماهوك الأمريكية الصنع في أوكرانيا، غير أن ترامب متردد في ذلك.

وقف الحرب ـ ترامب بدأ ييأس من بوتين

للمرة الأولى في علاقته مع بوتين، انتقل ترامب من القول إلى الفعل بفرض عقوبات مباشرة على روسيا. عقوبات ضربت أكبر شركتين نفطيتين روسيتين “روسنفت” و”لوك أويل”. وحتى سلفه في المنصب، جو بايدن، الذي وقف بشكل أقوى إلى جانب أوكرانيا، كان قد تجنّب فرض عقوبات على هاتين الشركتين. وكان السبب غير الرسمي آنذاك هو مراعاة الحلفاء الذين أرادوا الاستمرار في التعامل التجاري مع روسيا، وخشيتهم من العواقب السلبية على الاقتصاد العالمي. ومع أن ترامب ابتعد كثيراً عن وعده الانتخابي القائل إنه يمكنه إنهاء الحرب “في غضون 24 ساعة”، إلا أنه لا يزال يريد أن يُخلَّد في التاريخ بصفته “صانع الصفقات” و”جالب السلام”. وتعاظم استياء ترامب من بوتين، فعلى الرغم من إعجابه بالنفوذ الواسع لزعيم الكرملين، فإن إحباطه من عدم إحراز أي تقدم ملموس دفعته لإلغاء قمة مع بوتين كان يُتوقع عقدها في بودابست.

وبهذا الشأن كتبت صحيفة “سمي” السلوفاكية (27 أكتوبر) معلقة “لقد شطبت واشنطن، بقرار واحد فقط، خُمس ميزانية الدولة الروسية. فذلك يعادل بالتقريب نسبة الإيرادات التي تحصل عليها الخزينة الروسية من شركتَي النفط روسنفت ولوك أويل، اللتين أدرجتهما وزارة الخزانة الأميركية على قائمتها للعقوبات (..)  وإذا تم تنفيذ هذه العقوبات فعلاً، فستجعل أيّ بنكٍ أجنبيّ يفكر مرتين قبل أن يشارك في أي عملية دفع مقابل نفط من هاتين الشركتين، لأنه سيخسر حينها إمكانية الوصول إلى سوق رأس المال الأميركي (..) من المؤكد أن هناك محاولات للالتفاف على العقوبات، ولكن إذا لم يحدث تطور مفاجئ جديد، فستنخفض إيرادات الدولة الروسية بشكل حاد. وتتوقع واشنطن أن يؤدي مثل هذا الضغط إلى إجبار الكرملين على إنهاء الحرب”.

عقوبات أوروبية لتعزيز تصميم القوى الغربية

أما الأوروبيون، فقد كان لهم هذه المرة دور مكمّل، فبعد المملكة المتحدة التي فرضت عقوبات على الشركتين الروسيتين، اتخذ الاتحاد الأوروبي خطوات عقابية جديدة. ولم يكن صدفة أن إعلان ترامب عن لعقوبات الأمريكية كان بحضور الأمين العام لحلف الناتو مارك روتّه في البيت الأبيض. فقد سافر روتّه إلى واشنطن كمبعوث من شركاء الناتوالأوروبيين لمنع ترامب من الابتعاد أكثر عن دعم أوكرانيا. وبهذا الصدد علّقت صحيفة “ذي تايمز” اللندنية” وكتبت:

“يبدو أن رد الغرب هذه المرة أكثر حزمًا من أي وقت مضى. ويتكوّن من ثلاث ركائز رئيسية: أولاً، أصبح الغرب أكثر وضوحًا في ما يتعلق بإنشاء ما يُسمى بـ”جدار الطائرات المسيّرة” لحماية الجناح الشرقي لحلف الناتو من الاعتداءات الروسية (..) ثانيا: يعتزم المستشار الألماني فريدريش ميرتس طرح مقترحه باستخدام الأصول الروسية المجمّدة لتوفير قرض بدون فوائد بقيمة 160 مليار دولار لأوكرانيا.

لقاء استعراض القوة لزعماء الصين وروسيا وكوريا الشمالية

To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video

أما العائدات من هذه الأصول، والبالغة نحو 8 مليارات دولار، فهي ستُحوَّل بالفعل إلى أوكرانيا. وقد يُحدث مشروع ميرتسهذا تحولًا جذريًا في النهج المتّبع، إذ سيُتوقّع من الأوكرانيين أن يشتروا أسلحة مصنوعة في أوروبا. ثالثًا: الحزمة التاسعة عشرة من عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد روسيا والتي تستهدف صناعة النفط والغاز الروسية، مما يخلق نوعًا من “الحصار المزدوج” العسكري والدبلوماسي، لأنها تتزامن مع الهجمات الأوكرانية بعيدة المدى على المصافي ومحطات الطاقة ومحطات الضخ الروسية”.

عقوبات واشنطن تستثني فروع روسنفت بألمانيا

كشفت الحكومة الألمانية (28 أكتوبر) أن العقوبات الأمريكية الجديدة المفروضة على صناعة النفط الروسية تسثني الفرع الألماني لشركة روسنفت الموضوع أصلا تحت إدارة وصاية مؤقتة من قبل السلطات الألمانية. وأوضحت وزارة الخارجية الألمانية أنها تعمل مع السلطات الأمريكية على بلورة مخرجات قانونية بهذا الشأن. صحيفة “هاندلسبلات” الاقتصادية الألمانية كشفت استنادا لمصادر في الحكومة الألمانية، إن الاستثناء الأمريكي لـفرع روسنفت، سيُجنب أزمة إمدادات خطيرة في ألمانيا. وبعد الهجوم الروسي على أوكرانيا، وضعت الحكومة الألمانية فروع روسنفت في ألمانيا تحت وصاية الدولة، وباتت السيطرة الفعلية عليها بيد الحكومة الاتحادية.

وبهذا الصدد كتب موقع “دي تسايت” (29 أكتوبر) نقلا عن وكالة بلومبرغ أن الحكومة الأمريكية أبلغت شركاءها الألمان بأنها تدرس إصدار ترخيص عام مؤقت وغير قابل للتجديد لروسنفت / ألمانيا التي تستحوذ على اثني عشر في المئة من طاقة تكرير النفط في ألمانيا. ومن خلال السيطرة القسرية التي تفرضها الدولة، يُراد ضمان أمن الإمدادات. وتُعد مصفاة النفط في مدينة شفيدت بولاية براندنبورغ مهمةً خصوصًا لتأمين إمدادات البنزين لمنطقة برلين الكبرى.

حب السلطة ـ مرآة بين ترامب وبوتين

هل يمكن التعويل على ترامب لإخراج كل أسلحته أمام بوتين؟ لقد كانت العلاقة بين الرجلين واحدة من أكثر المواضيع إثارة للجدل. فقد راقبت وسائل الإعلام العالمية كل نظرة، كل حركة، وكل مكالمة هاتفية بين الرجلين، بل وأي تغير في نبرة صوتيهما. بل وهناك حتى من يعتقد أن ترامب يرى في بوتين نموذجا يُقتدى به للبقاء في السلطة. ترامب أقر (29 أكتوبر) بأن الدستور يمنعه من الترشح لولاية رئاسية ثالثة بعد انتهاء فترته الحالية في يناير كانون / الثاني 2029 مسدلا الستار على ما يبدو على احتمالات سعيه للترشح مجددا. وقال ترامب للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية وهو في طريقه إلى كوريا الجنوبية ” إذا قرأتموه، فهو واضح جدا، لا يُسمح لي بالترشح. إنه لأمر مؤسف” وذلك في تحول عن تعليقاته السابقة التي رفض فيها استبعاد ترشحه بشكل نهائي. ويمنع التعديل الثاني والعشرون في الدستور الأمريكي أي شخص من تولي الرئاسة لفترة ثالثة، لكن ترامب أثار فكرة ترشحه علنا منذ فوزه بولاية ثانية في نوفمبر/ تشرين الثاني.

وبهذا الصدد كتبت صحيفة “برلينه مورغنبوست” (29 أكتوبر) معلقة “بمقدور ترامب إطلاق العنان لخيالاته الإمبراطورية دون عوائق، في مؤشر على أن الديموقراطية الأمريكية وصلت لوضع مقلق. لقد مسً نظام الفصل بين السلطات، أو ما يُسمى بـ “الضوابط والتوازنات”، بشكل لم يفعله أي من أسلافه. ترامب يحكم عمليًا بالمرسوم، فيما يعيش الكونغرس الذي تهيمن عليه الجمهوريون حالة من الجمود. أما المحكمة العليا، فقد تحولت إلى هيئة الحماية القانونية للرئيس. وسائل الإعلام والجامعات تُغرق في موجة من الدعاوى القضائية. كل هذا لا يذكرنا أبدا بدولة كانت تُعتبر يومًا منارة للديمقراطيات الغربية. الولايات المتحدة تتجه بشكل أكبر نحو الاستبداد على غرار النموذج الروسي أو الصيني. وليس من الغرابة أن يُعجب ترامب بالحكام المستبدين مثل فلاديمير بوتين وشي جينبينغ”.

تحرير: يوسف بوفيجلين 


Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى