بعد أحداث الفاشر… الاتحاد الأفريقي يدعو إلى مفاوضات عاجلة لإنقاذ السودان

في موقف إقليمي حازم يعكس تصاعد القلق الدولي من تفاقم الأزمة السودانية، أدان مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع بحق المدنيين، خاصة في مدينة الفاشر، داعيًا إلى وقف فوري للأعمال العدائية، واستئناف الحوار السياسي، وتفعيل آليات المحاسبة الدولية، وسط تحذيرات من كارثة إنسانية غير مسبوقة.
خلال اجتماعه الطارئ رقم 1308 المنعقد في 28 أكتوبر 2025، أعرب مجلس السلم والأمن الأفريقي عن إدانته الشديدة لما وصفه بـ”الأنشطة الإجرامية” والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في السودان، مطالبًا قائد هذه القوات بالامتثال الكامل للمعايير الدولية. البيان الرسمي للمجلس ركّز بشكل خاص على الفظائع التي وقعت في مدينة الفاشر، والتي أسفرت عن خسائر فادحة في الأرواح، وتسببت في أزمة إنسانية غير مسبوقة، دفعت المجلس إلى المطالبة بوقف فوري وغير مشروط للأعمال العدائية، وفتح ممرات إنسانية عاجلة لإيصال المساعدات إلى السكان المتضررين.
في إطار سعيه لتقليص التصعيد العسكري، دعا المجلس إلى تسهيل عملية تفاوض عاجلة بين قادة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، بما في ذلك عقد قمة خاصة للاتحاد الأفريقي بشأن السودان. كما وجّه المجلس رئيس المفوضية الأفريقية إلى التواصل الفوري مع أعضاء اللجنة الرئاسية المخصصة، بقيادة الرئيس الأوغندي يويري موسيفيني، لتنسيق الجهود الدبلوماسية. وأكد المجلس أن الحل العسكري غير ممكن، مشددًا على ضرورة الانخراط في حوار سياسي شامل، يضع حدًا للمعاناة ويؤسس لمرحلة انتقالية ديمقراطية يقودها المدنيون.
حذّر المجلس من أن مرتكبي الفظائع في السودان، لا سيما في الفاشر، سيُحاسبون، داعيًا مفوضية الاتحاد الأفريقي إلى رصد هذه الجرائم بشكل منتظم، وتقديم تقارير دورية تتضمن تدابير وقائية وخطط لحماية المدنيين. كما طالب المجلس المبعوث الخاص المعني بمنع الإبادة الجماعية بالقيام بمهمة عاجلة لتقصّي الحقائق، وتقديم تقرير مفصل خلال ثلاثة أسابيع. هذه الخطوات تأتي في سياق تعزيز المساءلة، ومنع تكرار الانتهاكات، وتوفير أرضية قانونية لمعالجة الأزمة وفقًا للمعايير الدولية.
جدد المجلس رفضه القاطع لأي تدخل خارجي في السودان يساهم في تأجيج الصراع، معتبرًا ذلك انتهاكًا صارخًا لقرارات مجلس السلم والأمن وقرارات مجلس الأمن الدولي. كما دعا اللجنة الفرعية للعقوبات، بالتعاون مع أجهزة الاستخبارات والأمن في أفريقيا، إلى تحديد الجهات الخارجية التي تقدم دعمًا عسكريًا أو ماليًا أو سياسيًا للفصائل المتحاربة، وتقديم توصيات واضحة بشأن الإجراءات التي يجب اتخاذها خلال فترة لا تتجاوز ثلاثة أسابيع. هذا الموقف يعكس رغبة الاتحاد الأفريقي في حماية السيادة السودانية من التدخلات التي تعمّق الأزمة.
أعرب المجلس عن رفضه الشديد لما وصفه بـ”الحكومة الموازية” التي أعلنتها قوات الدعم السريع، داعيًا المجتمع الدولي إلى عدم الاعتراف بها تحت أي ظرف. وأكد أن مثل هذه الخطوات تقوّض جهود الحل السياسي، وتزيد من تعقيد المشهد السوداني، مطالبًا جميع الأطراف بالالتزام بالعملية السياسية السلمية، وتغليب المصلحة الوطنية على الحسابات الفئوية. كما شدد على ضرورة استئناف الحوار السياسي على أساس شامل، وفي إطار روح المصالحة الوطنية، بما يضمن الوصول إلى تسوية تفاوضية عادلة ومستدامة.
أكد مجلس السلم والأمن دعمه الكامل لتعزيز العملية الانتقالية في السودان، مشيرًا إلى أهمية أن تكون هذه المرحلة شاملة وقوية، وتضم جميع مكونات الشعب السوداني، وصولًا إلى انتخابات حرة ونزيهة. كما شدد على التزام الاتحاد الأفريقي بمرافقة السودان في هذه المرحلة الحساسة، من أجل تحقيق السلام والاستقرار والتنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة. وأشار المجلس إلى أن ما جرى في الفاشر يتعارض مع قيم الاتحاد الأفريقي، ويستدعي مضاعفة الجهود لإسكات البنادق، وضمان العدالة والمساءلة، ومعالجة الأسباب الجذرية للصراع.
في ختام بيانه، أكد المجلس التزام الاتحاد الأفريقي باحترام استقلال السودان وسيادته وسلامة أراضيه ووحدته الوطنية، مشددًا على تضامن الاتحاد مع الشعب السوداني في سعيه لاستعادة السلام والأمن والاستقرار والحكم الديمقراطي. كما دعا إلى إيجاد حل توافقي للتحديات التي تواجه البلاد، من خلال حوار شامل يضع حدًا للانقسامات، ويؤسس لمرحلة جديدة من البناء الوطني، بعيدًا عن العنف والانقسام. هذا الموقف يعكس حرص الاتحاد الأفريقي على لعب دور محوري في دعم السودان خلال واحدة من أكثر مراحله تعقيدًا.
تنويه : الخبر تم جلبه من المصدر ونشره اليا في اخبار السودان كما هو رابط
المصدر من هنا
Source link



