أخبار العالم

المؤثرون وحراك “جيل زد” .. تحولات في الإعلام المغربي – DW – 2025/10/25

في محاولة للدفاع عن حصيلة الحكومة أمام مطالب شباب حراك “جيل زد”، يتوافد عدد من الوزراء والمسؤولين منذ أسابيع على “بلاتوهات” قنوات التلفزة العمومية، كما ينشطون على منصات التواصل الاجتماعي، التي يهيمن عليها “المؤثرون”. وقد تحولت هذه المنصات، وعلى رأسها فيسبوك، إلى فضاء للنقاش العام، يتسم أحيانًا بالحدة بين مؤيدين ومعارضين للحراك ومطالبه.

صعود المؤثرين وتغير خارطة التأثير

يحظى المؤثرون، من صناع محتوى وصحفيين وسياسيين، بشعبية متزايدة لدى ملايين المتابعين، خاصة في مجالات الموضة والموسيقى وكرة القدم، في ظل استعداد المغرب لاحتضان نهاية العام الجاري كأس أمم أفريقيا 2025 وبعد خمس سنوات كأس العالم 2030.

بشكل مفاجئ إذن، انفتحت مؤخرا برامج الإعلام العمومي والخاص وصارت تحتضن ندوات وبرامج سياسية استثنائية حول حراك جيل زد تستضيف خلالها ممثلي هاته الفئة الجديدة، في المغرب وعبر العالم، من “صناع الرأي العام”.

ومن بين هؤلاء المؤثرين، حمزة فاضل، وهو شاب من مؤيدي الحراك، يقدم بودكاست “المثلث” المعروف على منصة يوتيوب. وقد اعتبر في تصريح لـ DW أنه اقتنع منذ اليوم الأول للحراك بأن من واجبه أن يشارك في الاحتجاج وقال: “ليست لدينا سلطة ولا أي ممثلين في البرلمان، ولا أحزاب ولا تمثيلات سياسية”.

وأضاف حمزة: “ما نستطيع أن نساهم به هو الاحتجاج، لأنني مواطن وشاب أعيش قضايا وهموم هذا الشعب. كما أنني، كفاعل إعلامي، استضفت العديد من الضيوف الذين يتقاسمون نفس آراء الشباب”.

ويؤكد صاحب بودكاست “المثلث” أن “الاحتجاج هو ضرورة ملحة من أجل المطالبة بالإصلاحات والضغط على الحكومة من أجل أن تعجل بها”.

“جيل زد” في المغرب.. هل ينجح سياسياً بعد أن نجح كروياً؟

To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video

بين التأثير و”التسليع”

بينما يرى مهدي عامري، أستاذ التواصل والذكاء الاصطناعي بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط (ISIC)، أن ظاهرة المؤثرين برزت في مناسبات كبرى مثل مونديال قطر لكرة القدم، حيث قام عدد منهم بتغطية هذا الحدث الكروي بجانب أحداث أخرى جعلت الملايين من الناس يتابعونهم على يوتيوب وغيرها من المنصات.

لكن عامري يحذر من أن “هذه الظاهرة تعكس أيضا تراجعاً لدور المثقف والأستاذ في التربية وتنوير الرأي العام لصالح محتوى سطحي مدفوع بمنطق الربح السريع”.

ويحذر عامري من “استخدام بعض المؤثرين كأدوات لتمرير سياسات في مجالات حيوية كالصحة والتعليم”، معتبرًا أن “مشاركة المؤثرين في برامج حوارية في التلفزة العمومية ساهم إلى حد ما في تطوير النقاش العام؛ لكن ارتباط المشاهدين بهم عاطفي وليس فكري”.

ويرى أستاذ التواصل بمعهد “ISIC” بالرباط أنه كان من الأجدر بهذه القنوات “أن تستضيف العلماء والباحثين والأدباء، الذين هم قادة الفكر عوض إعطاء قيمة كبرى للمؤثرين”.

أزمة الثقة في المحتوى الرقمي

تشير تقارير دولية إلى بعض التأثيرات السلبية للمؤثرين على تلقي الأخبار من قبل المواطنين، مثل تقرير رويترز/أوكسفورد للعام الجاري“Digital News Report 2025” ، الذي يفيد بأن الجمهور لا يزال متشككًا في الأخبار على منصات التواصل والذكاء الاصطناعي، ويرى أن المؤثرين والسياسيين يمثلون تهديدًا لموثوقية المحتوى الإخباري، ما يطرح تحديات كبيرة أمام الإعلام الرقمي.

وقد أعادت احتجاجات شباب “جيل زد” النقاش حول واقع الإعلام في المغرب، في ظل تراجع مؤشرات حرية الصحافة، كما رصدته منظمات وطنية ودولية، من بينها منظمة “مراسلون بلا حدود”.

وقد أثارت هذه التحركات تساؤلات حول مدى استمرارية الانفتاح الإعلامي، ودور الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري في ضمان التعددية والإنصاف في الولوج إلى وسائل الإعلام. وهي بحسب الدستور المغربي، هيئة مسؤولة عن تقنين ومراقبة عمل عشرات القنوات الإذاعية والتلفزية، العامة والخاصة، وضمان تكافؤ الفرص بين مختلف الفاعلين السياسيين.

المغرب: “جيل زد” يعود للتظاهر

To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video

انفتاح الإعلام العمومي: ظرفي أم تحول حقيقي؟

وفي هذا السياق، تزايدت مطالب المعارضة بتوسيع حضورها في البرامج الإعلامية. ويبدو من التحولات الأخيرة في المشهد الإعلامي أن ضغوط الشارع واحتجاجات جيل زد قد أثمرت انفتاح وسائل الإعلام العمومية والخاصة وتغييرا في شبكة البرامج من خلال تقديم عدد من البرامج السياسية، التي يفرضها القانون ودفاتر التحملات على جميع القنوات ولكن القوانين لا تجد في الغالب طريقها إلى التفعيل والتطبيق.

ويرى الناشط حمزة فاضل أن تفاعل الإعلام العمومي مع الحراكات الاجتماعية، ومنها احتجاجات “جيل زد”، يظل تفاعلًا ظرفيًا أكثر منه تحولًا بنيويًا، ويقول: “في البداية يُفتح المجال للرأي والرأي الآخر، لكن سرعان ما يُغلق هذا القوس بمجرد أن تهدأ الأوضاع. وقد حدث ذلك مع حركة 20 فبراير سنة 2011، حيث شهدنا لأول مرة تعبيرات جديدة في الإعلام العمومي، لكنها سرعان ما اختفت بانتهاء الحركة”.

ويضيف فاضل لـDW أن هذا الانفتاح لا يُتوقع أن يستمر طويلًا، معتبرًا أن “الإعلام البديل، غير الخاضع لرقابة الدولة، هو الرهان الحقيقي بالنسبة للشباب”. كما يشير فاضل إلى أهمية الإعلام المستقل الذي تحرر من الخط التحريري الرسمي، ويبتعد عن الدعاية الحكومية، في مواكبة قضايا المجتمع وتقديم صوت مغاير، حسب رأيه.

حرية التعبير بين الواقع والنصوص

أمّا صانعة المحتوى فرح أشباب، فتعرب في تصريح لـDW، عن اعتقادها بأن مجال حرية التعبير في المغرب يشهد توسعًا ملحوظًا، “رغم استمرار بعض المضايقات وتردد الشباب في التعبير عن آرائهم في قضايا معينة”.

وترى أن “النقد يجب أن يكون بنّاءً”، داعية إلى “إشراك الجميع في فضاء التعبير، من صحفيين ومؤثرين إلى مواطنين يحملون روحًا وطنية ويسعون لتطوير بلدهم”.

ورغم وجود ضمانات دستورية لحرية التعبير، إلا أن ضعف التطبيق يثير جدلًا واسعًا، خاصة حول المجلس الوطني للصحافة، الذي يواجه انتقادات بشأن تشكيلته وصلاحياته، ما يعطل مناقشة مشروع قانون جديد لتنظيم المهنة معروض حاليا على البرلمان.

انتقاد لـ”زد” ودعوة للتمييز بين الإعلامي وصانع المحتوى

ويعارض عمر الشرقاوي، الأستاذ الجامعي والمؤثر على منصات التواصل، ما يصفه بـ”التضخم المطلبي” لحراك جيل زد، معتبرًا أن تغيير المطالب بشكل يومي يضعف الحركة ويجعلها تبدو غير منظمة”.

بينما تدعو فرح أشباب إلى التمييز بين الإعلامي وصانع المحتوى، مشددة على أهمية احترام التخصصات، وأن يكون التأثير ضمن سياقه، سواء على الاستهلاك أو الأفكار، مع ضرورة أن يصنع المؤثرون محتواهم في المجال الذي يتقنونه.

وتؤيد أشباب حراك جيل زد، معتبرة أن “مطالبه مشروعة”، وأن النقاش حول التعليم والصحة والمناطق المهمشة أمر إيجابي لا يقل أهمية عن المشاريع التنموية الكبرى. وتشير إلى أن 80٪ من المؤثرين المغاربة ينتمون إلى هذا الجيل، ولهم تأثير واسع على الرأي العام.

عدد المؤثرين في المغرب

يعكس الحراك الذي يقوده شباب “جيل زد” في المغرب تحوّلًا عميقًا في العلاقة بين المواطن والإعلام، حيث لم تعد المنصات التقليدية وحدها تحتكر صناعة الرأي العام. فالمؤثرون باتوا فاعلين أساسيين في تشكيل النقاشات المجتمعية.

ولا توجد أرقام رسمية دقيقة لعدد المؤثرين بالمملكة، لكن دراسات تشير إلى وجود حوالي 20,000 مؤثر في المغرب، بزيادة قدرها40%  مقارنة بعام 2022، بحسب ما كتب موقع الجزيرة نت. وينقسم هؤلاء المؤثرون بحسب عدد متابعيهم إلى مؤثرين كبار ومؤثرين صغار.

تحرير: صلاح شرارة


Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى