وحدهم أمام خطر الموت ـ لاجئون أطفال يركبون البحر نحو المجهول – DW – 2025/10/24

“لن يخاطر أحد بحياته في البحر إذا كان هناك طريق أفضل. ولكن لا يوجد حل آخر. لذلك نخاطر بحياتنا”؛ هذا ما قاله صبي يبلغ من العمر 15 عاما من غينيا تم إنقاذه من قبل منظمة الإنقاذ البحري SOS Humanity وهو قاصر يسافر بمفرده.
تحذر المنظمة غير الحكومية في برلين المعنية بالإنقاذ البحري المدني والتي تنقذ اللاجئين من الغرق منذ عشر سنوات من أن المزيد من الأطفال والمراهقين يغادرون عبر ليبيا أو تونس بمفردهم في قوارب مكتظة تماما وغالبا ما تكون غير صالحة للإبحار. حوالي خمس الذين يتم انقاذهم هم من القاصرين.
كما هو الحال مع إستر، الحاصلة على شهادة في علم النفس والتي كانت تعمل كمسؤولة صحة عقلية متطوعة على متن سفينة الإنقاذ Humanity 1 في نوفمبر وديسمبر 2024. إستر لا تريد ذكر اسم عائلتها. تقول في مؤتمر صحفي إنهم أنقذوا ست قوارب تقل 347 شخصا خلال تلك الفترة. وكان من بينهم 43 قاصرا معظمهم من الشباب غير المصحوبين بذويهم والذين يعانون من ضعف جسدي ونفسي شديد.
“غالبا ما كانوا يقضون عدة أيام وليالٍ في البحر دون طعام أو شراب وكانوا يعانون من الجفاف ودوار البحر وغالبا ما كانوا يعانون أيضا من حروق بسبب ملامسة المياه المالحة والوقود. للأسف يعاني الكثيرون منهم من الجرب أو أمراض جلدية أخرى وجروح بسبب احتجازهم لفترات طويلة في المخيمات في ليبيا. وجميعهم يعانون من إرهاق عاطفي شديد”.
القُصر في خطر كبير في المخيمات الليبية
الوضع في المخيمات الليبية التي يتم إعادة القصر إليها من قبل خفر السواحل الليبي بعد فشلهم في الهروب عبر البحر الأبيض المتوسط هو كارثي بالنسبة للشباب. منذ سنوات يتعرض هذا البلد الشمال أفريقي الذي من المفترض أن يتولى حماية الحدود ويقلل عدد اللاجئين بشكل كبير بموجب اتفاقية بملايين الدولارات مع الاتحاد الأوروبي، لانتقادات شديدة بسبب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.
“أخبرني الشباب عن أشكال خطيرة من العنف الجنسي والتعذيب وعمل الأطفال وفقدان الأقارب وكذلك حالات اتجار بالنساء. أظهر لي بعض الشباب آثار التعذيب الذي تعرضوا له. آثار ندوب على أجسادهم وكذلك صور ومقاطع فيديو من المخيمات الليبية تظهرهم مقيدين ومعذبين”، تقول إستر، المتطوعة في إنقاذ الأرواح في البحر.
3500 قاصر بين ميت أو مفقود
إذا تمكن القاصرون من الخروج من المخيمات فإنهم يواجهون خطرا أكبر أثناء العبور. وحسب تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة ( اليونيسيف ) في أبريل 2025 لقي حوالي 3500 طفل حتفهم أو فقدوا أثناء محاولتهم الوصول إلى إيطاليا عبر الطريق الرئيسي للبحر الأبيض المتوسط خلال العشر سنوات الماضية. وهذا يعني: طفل واحد ميت أو مفقود كل يوم على مدار عقد كامل. لذلك تطالب منظمة SOS Humanity بوقف التعاون بين الاتحاد الأوروبي وليبيا وتونس على الفور.
“في الواقع تزداد نسبة القاصرين بين اللاجئين بشكل مطرد منذ عشر سنوات. يمثل القاصرون حوالي خمس إجمالي الوافدين إلى إيطاليا. وفي عمليات الإنقاذ التي نقوم بها تبلغ هذه النسبة في المتوسط أكثر من الثلث”، يقول تيل رومنهول، المدير التنفيذي لمنظمة SOS Humanity. “لقد استقبلنا مؤخرا قاربا كاملا يقل 120 قاصرا. كانوا شبابا في حالة ذعر تام يسافرون بمفردهم وقفزوا في الماء خوفا من خفر السواحل الليبي”.
عواقب وخيمة لحل وكالة للتنمية الأمريكية
تحذر لانا إدريس، رئيسة مجلس إدارة منظمة قرى الأطفال العالمية SOS-Kinderdörfer weltweit من أن مشكلة تزايد أعداد الأطفال والمراهقين الذين يشرعون في رحلة خطرة إلى أوروبا قد تتفاقم في المستقبل. الخلفية: قامت الحكومة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب بحل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID، مما قد يكون له عواقب وخيمة.
وقد قدرت مجلة ”The Lancet“ المتخصصة أن التخفيضات في ميزانية الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية قد تؤدي إلى وفاة أكثر من 14 مليون شخص إضافي خلال السنوات الخمس المقبلة من بينهم خمسة ملايين طفل دون سن الخامسة. كما خفضت ألمانيا مساعداتها الإنمائية بنحو مليار يورو.
وتقول إدريس: “بهذا ندخل في حلقة مفرغة تؤدي إلى زيادة عدد الأطفال الذين يسلكون هذا الطريق”. وتضرب مثالا على ذلك بالصومال. “كان هذا البلد يعتمد بنسبة 80 في المائة على الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. في حين أننا وصلنا إلى أربعة ملايين ونصف مليون طفل وشاب في الصومال العام الماضي لم يصلنا هذا العام سوى 1.3 مليون. لماذا؟ لأن المخيمات المخصصة لإمداد هؤلاء الأطفال والشباب أصبحت فارغة منذ الصيف”.
حماية خاصة وفق اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل
في اتصال هاتفي مع المحامية فيرا ماغالي كيلر، التي تدير مكتب محاماة في برلين متخصص في دعم المنظمات الإنسانية بما في ذلك منظمات الإنقاذ البحري. تذكر المحامية لـ DW بأن الأطفال والمراهقين يجب أن يحظوا بالأولوية في الحماية والإجلاء عند الإنقاذ في البحر، مشيرة إلى اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل التي التزمت بها جميع الدول.
وتضيف: “في مختلف الدول الأوروبية هناك آفاق خاصة للبقاء والحق في الحماية والحق في لم شمل الأسرة. في إيطاليا على سبيل المثال ينطبق هذا غالبا حتى بلوغ سن الرشد. بشكل أساسي يجب إيواء الأطفال والمراهقين بشكل منفصل عن البالغين وتوفير حماية خاصة لهم ويجب تجنب حرمانهم من حريتهم قدر الإمكان”.
الحكومة الألمانية توقف دعم عمليات الإنقاذ المدنية في البحر
أعلنت منظمة الإنقاذ البحري SOS Humanity أنها سترسل سفينة إنقاذ أخرى إلى البحر الأبيض المتوسط في عام 2026 والتي ستتولى مهمة البحث عن قوارب اللاجئين ومراقبة انتهاكات حقوق الإنسان، خاصة قبالة السواحل التونسية. ولكنها ستضطر إلى الاعتماد على التبرعات حيث أوقفت الحكومة الألمانية المكونة من حزبي الاتحاد المسيحي الديمقراطي والاتحاد الاجتماعي المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي دعمها المالي لعمليات الإنقاذ المدنية في البحر بمبلغ مليوني يورو سنويا.
وليس هذا السبب الوحيد الذي يجعل كيلر متشائمة بشأن المستقبل: “في ضوء التطورات السياسية والقانونية الحالية لا أرى أي آفاق جيدة. أخشى أن يتفاقم تجريم وقمع عمليات الإنقاذ المدنية في البحر، والتضامن مع اللاجئين في ظل الائتلاف الحالي. كما ستزداد سوءًا معايير الحماية والاستقبال الكارثية بالفعل للاجئين في أوروبا”.
أعده للعربية. م.أ.م (ع.ج.م)
Source link



