الأكراد .. حجر عثرة أمام طموح تركيا في احتكار السوق السورية! – DW – 2025/10/23

قد يكون هذا اختراقا هاما: أعلن مظلوم عبدي، قائد القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة في سوريا ( قسد ) أنه تم التوصل إلى اتفاق مبدئي مع الحكومة المركزية السورية على دمج القوات الكردية في الجيش الوطني السوري. وفي الوقت نفسه أكدت إلهام أحمد، وزيرة الخارجية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا (AANES) إجراء مفاوضات حول إعادة فتح المعابر الحدودية للمنطقة مع تركيا وتحدثت عن اتفاق مبدئي.
جزء مهم من الحدود لا يزال مغلقا
الحدود بين تركيا وسوريا التي يبلغ طولها 911 كيلومترا هي أطول حدود برية لكلا البلدين. خلال الحرب الأهلية السورية أبقت تركيا على فتح بعض المعابر الحدودية الإحدى عشر بشكل محدود. على الجانب السوري كانت هذه المعابر تخضع لسيطرة مجموعات مسلحة مختلفة بعضها متغير وثلاثة معابر منها تقع على الحدود مع المناطق التي يديرها الأكراد في شمال شرق سوريا .
ومنذ سقوط نظام الأسد قبل عشرة أشهر تطورت العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين بشكل جيد. الزعيم الجديد في سوريا هو أحمد الشرع ، الزعيم السابق لميليشيا إسلامية دعمتها أنقرة بالفعل خلال الحرب الأهلية.
وتعتبر تركيا نفسها لاعبا سياسيا مهما في سوريا وتسعى الآن إلى الاستفادة اقتصاديا من الأوضاع الجديدة. لكن لتحقيق ذلك يجب أن يتحسن الاستقرار السياسي في سوريا بشكل ملحوظ. حتى الآن لا تزال الخلافات بين الحكومة في دمشق والأقليات مثل الدروز والعلويين والأكراد مستمرة.
التقارب الكردي كعامل تغيير
وحسب التقديرات يسيطر الأكراد على ربع إلى ثلث الأراضي السورية. ويمر ما يقرب من نصف الحدود البرية المشتركة مع تركيا عبر المناطق التي يسيطر عليها الأكراد.
بعد أكثر من 13 عاما من الحرب يبعث التقارب بين دمشق والأكراد الذي تم تحقيقه تحت ضغط الولايات المتحدة، الأمل في نفوس رجال الأعمال الأتراك في إبرام صفقات جيدة مع جيرانهم الأكراد.
وحتى الآن لا تزال المعابر الحدودية الثلاثة في المنطقة الكردية مغلقة لأسباب أمنية، حسبما تقول تركيا. وفي حالة إعادة فتحها، كما حدث مع المعابر الثمانية الأخرى يتوقع رجال الأعمال في تركيا أن تتضاعف الصادرات إلى سوريا على الفور من ملياري دولار إلى أربعة مليارات دولار.
موارد مهمة تركيا تحت سيطرة الأكراد
ومع ذلك تربط أنقرة إعادة فتح الحدود بشرط واضح: يجب أن تكون المناطق الحدودية تحت سيطرة الجيش السوري وليس كما هو الحال حاليا تحت سيطرة القوات الكردية في منطقة الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا؛ AANES المعروفة أيضا باسم روج آفا.
وهذه المنطقة غنية بالنفط والمواد الخام ويديرها حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) الذي يرتبط بعلاقات وثيقة مع حزب العمال الكردستاني (PKK). على الرغم من أن حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه ألمانيا وتركيا والعديد من الدول الأخرى كمنظمة إرهابية، أعلن رسميا في بداية العام عن حل نفسه وتسليم أسلحته إلا أن عملية السلام لم تحرز أي تقدم يذكر منذ ذلك الحين. ولذلك تواصل تركيا محاربته بشدة. منذ عام 2016 قامت القوات المسلحة التركية بقصف مناطق يسيطر عليها الأكراد في سوريا بشكل متكرر ولا تزال تحتفظ بقوات في مدن سورية مثل عفرين وجرابلس وأعزاز.
كردستان العراق ـ مثال يحتذى به؟
تعد سياسة التهدئة محركا للاقتصاد التركي بالفعل. يذكر ساهيسمايل بيديرهانوغلو، رئيس جمعية صناعيي جنوب شرق الأناضول أن الصادرات التركية إلى سوريا قد ارتفعت بنسبة 50 في المائة منذ سقوط نظام الأسد: “إذا توصلت دمشق والأكراد إلى اتفاق نأمل أن تفتح المعابر الحدودية الأخرى وأن تزداد علاقاتنا التجارية”.
ويذكر رجل الأعمال أن أنقرة كانت تنظر بعين الريبة إلى الحكم الذاتي في كردستان العراق لسنوات عديدة إلى أن بدأ التبادل التجاري قبل 20 عاما. واليوم تستحوذ المناطق الكردية في العراق على 80 في المائة من الصادرات السنوية إلى العراق البالغة قيمتها 13 مليار دولار أمريكي. ويقول بيدرهان أوغلو: “نأمل أن تشهد سوريا تطورا مماثلا”.
الشركات التركية تضغط من أجل إعادة الإعمار
أحمد فكرت كيليجي، منسق اتحادات المصدرين في جنوب شرق الأناضول متفائل هو الآخر. بعد أكثر من 13 عاما تم في الأشهر الماضية فتح طرق نقل برية وبحرية جديدة، كما يقول: “بناءً على خبراتنا حتى الآن يمكننا أن نفترض أن حركة نقل البضائع ستتطور بسرعة كبيرة”.
وأضاف كيليجي أن الشركات التركية لا تصدر الآن إلى المناطق التي تسيطر عليها تركيا فحسب، بل إلى مناطق أخرى من البلاد أيضا و”توفر عملية إعادة إعمار سوريا على وجه الخصوص العديد من الفرص. يمكننا تزويد قطاع البناء بالمواد اللازمة لذلك: من العناصر الكيميائية إلى الأسمنت والصلب والسيراميك وحتى المولدات وأنظمة الطاقة”.
ويرى محمد كايا، رئيس غرفة الصناعة والتجارة في مدينة ديار بكر الكردية أن هناك حاجة في جميع القطاعات تقريبا: “بعد التوصل إلى اتفاق مع الأكراد السوريين يمكننا تصدير منتجات متنوعة من المواد الغذائية والأجهزة المنزلية إلى المنسوجات والأثاث”.
سباق مع الصين
بالنسبة لكايا يعد توسيع العلاقات التجارية مع سوريا بأكملها أمرا ملحا. وهو يخشى أن تستولي الصين على السوق السورية الكبيرة إذا لم تتحرك أنقرة بسرعة. فقد دفعت الشركات الصينية بالفعل عبر دول الخليج إلى الأسواق السورية والعراقية وزادت حصصها بسرعة.
ويرى كايا أن أنقرة يجب ألا تكتفي بتعميق العلاقات مع دمشق فحسب، بل يجب أن تراعي أيضا رغبات واحتياجات الأقليات الأخرى في سوريا. وإلا فإن المنطقة والاقتصاد التركي سيتضرران من ذلك. كايا مقتنع تماما بأن معبر الحدود من مدينة نصيبين التركية إلى القامشلي على الجانب السوري الكردي سيصبح في غضون وقت قصير أهم بوابة تجارية في المنطقة بأسرها إذا تم افتتاحه قريبا.
ومع ذلك فإن الحكومة التركية لا تثق في الإدارة الذاتية الكردية في شمال سوريا. لن تتخلى بسهولة عن المناطق والمواقع العسكرية التي تسيطر عليها. بالإضافة إلى ذلك أفادت الصحف التركية الموالية للحكومة أن دمشق طلبت من أنقرة تدريبا عسكريا ومعدات، مما يثير شكوك لدى الأكراد. وقد يتضح قريبا أي من هذه الأنباء صحيح وأيها مجرد شائعات تم نشرها للتأثير على المفاوضات.
أعده للعربية: م.أ.م (ع.ج.م)
Source link