ما دور مصر وقطر في مستقبل غزة.. وشروط السعودية والإمارات؟ – DW – 2025/10/22

تلعب مصر وقطر إلى جانب تركيا، دوراً رئيسياً في اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، المُبرم بين إسرائيل وحركة حماس (المصنفة كمنظمة إرهابية في ألمانيا والولايات المتحدة ودول أخرى) في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2025.
وقّع زعماء هذه الدول في شرم الشيخ بمصر على خطة السلام التي اقترحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ووافقت عليها حماس، والتي تهدف إلى ترسيخ وقف إطلاق النار في غزة وإنهاء الحرب وإحلال السلام.
وإذا تقدّم اتفاق السلام بين إسرائيل وحماس من هذه المرحلة الأولى، فسيتوقف مستقبل قطاع غزة وساكنيه الذين يبلغ عددهم أكثر من 2 مليون شخص على عاتق هذه الدول.
مصر تعزز مكانتها في المنطقة
برزت مصر كلاعب رئيسي ومهم في خطة السلام في غزة. قال تيموثي كالداس، نائب مدير معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط (TIMEP.The Tahrir Institute for Middle East Policy) لـ DW: “لقد سمح دور مصر كوسيط رئيسي في المحادثات لتأمين وقف إطلاق النار وإنهاء الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة، للقاهرة بإعادة تأكيد قيمتها الاستراتيجية لشركائها الدوليين”. يذكر أن إسرائيل تنفي اتهامات بارتكاب إبادة جماعية في غزة وتقول إنها تحارب فقط حركة حماس وتلتزم بالمعايير الدولية في حماية السكان المدنيين.
ويتوقع كالداس أن “مصر سترغب في الحفاظ على هذا الزخم في إظهار وزنها الدبلوماسي في المنطقة”.
وهذا الدور الذي تلعبه مصر أدى إلى زيادة المساعدات والتمويل الأجنبي، بحسب كالداس. في فبراير/ شباط 2024 وقّعت الإمارات العربية المتحدة على مشروع بناء في رأس الحكمة، وهي شبه جزيرة تقع على البحر الأبيض المتوسط بالقرب من مدينة الإسكندرية، وبلغت قيمة المشروع 29 مليار يورو.
وفي مارس/ أذار من نفس العام، تعهدت المفوضية الأوروبية بتقديم ما مجموعه 7.4 مليار يورو بين قرض ومساعدات مالية للقاهرة.
وقال كالداس لـ DW: “إن إسقاط المناقشات السابقة حول تهجير السكان قسراً من غزة إلى مصر والأردن في الخطة التي كان قد طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، يعدّ انتصاراً دبلوماسياً بالنسبة للقاهرة”.
كما أشار كالداس إلى أن مصر ترغب بلعب دور مهم في إعادة الإعمار في غزة، “تمتلك مصر قدرات إنشائية كبيرة طوّرتها من خلال مشاريعها العملاقة، ومن المؤكد أن المصريين يودّون ترتيب تمويل خارجي يتيح لشركاتهم الإنشائية العمل في غزة”.
وبناء على أحدث تقييم سريع ومؤقت أجرته الأمم المتحدة والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي للأضرار والاحتياجات في غزة، يحتاج القطاع إلى 59.8 مليار يورو للتعافي وإعادة الإعمار، مع الحاجة إلى 18.8 مليار يورو في السنوات الثلاث الأولى.
ومع ذلك أشار كالداس إلى أن السلطات المصرية سترغب في توخي الحذر في تصوير مشاركتها في غزة على أنها دعم للشعب الفلسطيني، وأنها ليست بمثابة وكيل لإسرائيل.
دور قطر كوسيط في عملية السلام
وفيما يتعلق بدور قطر، قال كريستيان ألكسندر، الزميل البارز في معهد ربدان للأمن والدفاع في أبو ظبي لـ DW: ” قطر، الدولة العربية الأخرى الموقعة على الوثيقة الداعمة لخطة السلام التي ترعاها إدارة ترامب، مهتمة بضمان استمرار وقف إطلاق النار بما يكفي لترسيخ مسار سياسي يظل فيه دورها الوسيط لا غنى عنه”.
وتربط قطر علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة، الحليف الأول لإسرائيل. ففي عام 1996 افتتحت الولايات المتحدة أكبر قاعدة جوية إقليمية لها (قاعدة العديد الجوية) على بُعد حوالي 30 كيلومتراً جنوب غرب العاصمة القطرية الدوحة.
وفي عام 2022 اختارت الولايات المتحدة قطر كحليف رئيسي لها من خارج حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وفي بداية الشهر الجاري وقّع ترامب مرسوما تنفيذيا تتعهد من خلاله الولايات المتحدة بحماية أمن قطر . كما أن الدوحة تستضيف القيادة السياسية لحركة حماس منذ عام 2012، بناءً على طلب الولايات المتحدة، بحسب مسؤولين قطريين.
وأضاف ألكسندر: “رغم قبول الدوحة بأن حماس يجب أن تنزع سلاحها في نهاية المطاف وتتخلى عن السيطرة على غزة، فإن الضغط عليها لطرد القيادة السياسية للحركة فوراً دون التوصل إلى اتفاق شامل سيدمّر النفوذ الذي يجعل قطر مفيدة في المقام الأول“.
في أوائل سبتمبر/ أيلول، أثارت غارة إسرائيلية على قيادات لحماس في الدوحة الشكوك حول مكانة قطر كحليف مفضل للولايات المتحدة ودورها كوسيط في محادثات السلام.
ما موقف السعودية والإمارات؟
ذكرت صحيفة إسرائيل اليوم أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين حذرت البيت الأبيض بأنها “لن تواصل العملية ما دامت حماس تحتفظ بأسلحتها”.
ومع أن الإمارات العربية المتحدة ليست وسيطا مباشرا مثل قطر ومصر إلا أنها داعم دبلوماسي ومالي أساسي لخطة ما بعد الحرب في غزة بحسب ألكسندر.
في عام 2020 وقعت الإمارات العربية المتحدة اتفاقية تطبيع مع إسرائيل ، ومع أن المملكة العربية السعودية لم تكن في الواجهة عند توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في مصر أيضاً، إلا أنها ” لعبت دوراً محورياً خلف الكواليس، ويُعد وقف إطلاق النار نجاحاً دبلوماسياً غير مباشر لها” بحسب ما صرّح سيباستيان سونز، الباحث البارز في مركز الأبحاث الألماني “كاربو (CARPO)لـ DW.
وأضاف سونز: “ترغب الرياض برؤية الاستقرار، ليس فقط في قطاع غزة، بل في جميع أنحاء المنطقة، لأن هذا ضروري لتنويع اقتصادها”. وأردف قائلاً: “ومع ذلك، لا ترغب المملكة العربية السعودية في التورط المباشر في غزة بأي شكل من الأشكال”.
كما يعتقد سونز أن الرياض قد تكون مستعدة لتدريب جنود فلسطينيين بالتعاون مع مصر والأردن، بدلاً من إرسال قواتها الخاصة إلى قطاع غزة. وقال: “قبل كل شيء، تريد الرياض أن تضمن ألا تلعب حماس أي دور رئيسي”.
ليست حماس فقط، أضاف سونز: “ليس سراً أن الرياض لا تعتبر السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس شريكين جديرين بالثقة بشكل خاص أيضاً”.
وما يزال من غير الواضح ما إذا كانت إسرائيل والسعودية ستستأنفان المحادثات المدعومة من الولايات المتحدة بشأن إقامة علاقات دبلوماسية. وكانت الجولة السابقة من المفاوضات قد توقفت إثر هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 وما تبعه من حرب.
وبهذا الصدد أصرّت المملكة العربية السعودية على أن أي مسار نحو التطبيع يجب أن يكون مساراً موثوقاً به نحو حل الدولتين ، بما يشمل إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل.
وفي الوقت ذاته، يبدو أن ترامب متفائل بإمكانية التوصل إلى اتفاق، فقد قال في مقابلة مع قناة فوكس الأمريكية مؤخرا إنه يأمل أن يرى “المملكة العربية السعودية تمضي في هذا الاتفاق، وآمل أن أرى دولاً أخرى تنضم أيضاً”.
أعدته للعربية: ميراي الجراح
تحرير: عبده جميل المخلافي
Source link