اخبار السودان

البرهان يسلّم شروطه لواشنطن ويوافق على نشر عناصر استخبارات أمريكية في بورتسودان

في تطور دبلوماسي لافت، كشفت صحيفة “أفريقيا إنتليجنس” المقربة من دوائر الاستخبارات الفرنسية أن رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، أبدى موافقته على الانخراط في مبادرة الرباعية الدولية التي تقودها الولايات المتحدة، بمشاركة مصر والسعودية والإمارات، لكنه شدد على أن هذه الموافقة لا تأتي دون شروط واضحة. ووفقاً للتقرير، فقد سلّم البرهان قائمة مطالبه إلى مسعد بُولُس، مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لشؤون أفريقيا، خلال اجتماع غير معلن عقد في القاهرة بتاريخ 15 أكتوبر، عقب لقاء جمعه بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يُنظر إليه على أنه محطة استراتيجية في مسار الاتصالات بين الطرفين بعد شهرين من أول اتصال مباشر بينهما.

شروط البرهان

الصحيفة أوضحت أن اللقاء بين البرهان وبُولُس شهد طرح شروط محددة من الجانب السوداني لفك حالة الجمود السياسي والعسكري في البلاد، أبرزها مطالبة واشنطن بتوجيه إنذار نهائي إلى أبوظبي لوقف دعمها العسكري والمالي لقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”، الذي يُعد الخصم الرئيسي للجيش السوداني في النزاع الدائر. ورغم أهمية هذه المطالب، إلا أن بُولُس لا يمتلك صلاحية تقديم تعهدات من هذا النوع، ما يستدعي تدخلاً مباشراً من البيت الأبيض. في السياق ذاته، جدّدت بورتسودان رفضها القاطع لأي مفاوضات مباشرة مع قوات الدعم السريع، مؤكدة تمسكها بموقفها الرافض للتسوية مع الطرف العسكري المنافس.

توتر متصاعد

التوتر بين حميدتي والمبعوث الأمريكي تصاعد بشكل ملحوظ خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، بعد فشل بُولُس في تنفيذ وعوده المتعلقة بإيصال المساعدات الإنسانية إلى مدينة الفاشر المحاصرة، وهو ما أثار استياء الجانب السوداني. في المقابل، بدأت الاتصالات المتكررة بين بُولُس والجيش السوداني تؤتي نتائج ملموسة، حيث وافق مجلس السيادة على نشر عناصر من الاستخبارات الأمريكية في مدينة بورتسودان خلال الشهر الماضي، في خطوة تعكس انفتاحاً أمنياً محدوداً على واشنطن، وسط ترقب لخطوات أمريكية أكثر وضوحاً في المرحلة المقبلة، خاصة فيما يتعلق بإمكانية رفع العقوبات المفروضة على السودان.

زيارة معلقة

منذ اللقاء الأول الذي جمع البرهان وبُولُس في جنيف بتاريخ 11 أغسطس، طرح المبعوث الأمريكي فكرة إرسال وفد من رجال الأعمال يضم شركات تعدين إلى ساحل البحر الأحمر، بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي وفتح قنوات استثمارية جديدة. غير أن هذه المبادرة لم تُنفذ حتى الآن، ما أثار استياء داخل مجلس السيادة، الذي يرى في هذه الزيارة فرصة لتبديد الشكوك داخل المؤسسة العسكرية بشأن نوايا واشنطن. البرهان يعتبر أن تحقيق مكاسب اقتصادية ملموسة من هذا الوفد يمكن أن يُسهم في تهدئة الأصوات المعارضة داخل الجيش، ويدعم مسار الانخراط في المبادرة الرباعية.

تحفظات استخباراتية

خلال اجتماع القاهرة، عبّر مدير جهاز المخابرات العامة السوداني، الفريق أحمد إبراهيم مفضل، عن انزعاجه من بطء التحرك الأمريكي، مطالباً بتحديد أسماء أعضاء الوفد الاقتصادي ومواعيد زيارته المرتقبة إلى بورتسودان، إلا أن هذه المطالب لم تلقَ استجابة واضحة. وتشير مصادر متعددة إلى أن السلطة الحاكمة في السودان لا تزال مترددة في التعامل مع الخطة الأمريكية للسلام، خشية تكرار تجارب دول أفريقية أخرى مثل رواندا والكونغو الديمقراطية، حيث أدت اتفاقات دولية غير محكمة إلى استمرار النزاعات المسلحة رغم الجهود الدبلوماسية المكثفة. هذا التوجس يعكس قلقاً عميقاً من أن أي تسوية غير مدروسة قد تُفضي إلى نتائج عكسية، وتُعيد إنتاج الأزمة السودانية بشكل أكثر تعقيداً.





Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى