أخبار العالم

واشنطن تدفع نحو مصالحة بين المغرب والجزئر خلال “ستين يوما” – DW – 2025/10/21

في حوار مع قناة “سي.بي.إس” ومراسلتها البارزة ليزلي ستايل أطلق ستيف ويتكوف المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط (20 أكتوبر 2025)، جملة جانبية قصيرة كانت كافية لإشعال المواقع الاجتماعية بشأن اختراق دبلوماسي في العلاقات المغربية الجزائرية في أفق زمني لا يتعدى شهرين. الجملة جاءت في نهاية مقابلة استغرقت ساعة بحضور غاريد كوشنر، صهر الرئيس وعراب  الاتفاقيات الإبراهيمية  في عهدة ترامب الأولى. وبالرغم من أن موضع المقابلة كان مخصصا للوضع في غزة، إلا أن ويتكوف انتهز نهاية البرنامج ليطلق تصريحًا غير متوقع قال فيه إن فريقا يعمل على انجاز “اتفاق سلام” بين المغرب والجزائر. وأضاف أنه “سيتم التوصل إلى صفقة خلال 60 يومًا”.

لقد تكسرت جهود عشرات الوساطات على صخرة العناد، على مدى خمسين عاما التي امتد فيها الصراع حول الصحراء الغربية، باستثناء فترة قصيرة تمكن فيها الزعيمان الراحلان الحسن الثاني والشاذلي بن جديد في أوائل الثمانينات، من طي الخلاف ولو إلى حين. منطلق الانفراج كان وساطة سعودية، فتحسنت العلاقات الثنائية وتأسس “اتحاد المغرب العربي” بمشاركة تونس وليبيا وموريتانيا. هذا التقارب السياسي مكّن من فتح الحدود بين المغرب والجزائر سنة 1988. وباستثناء هذا القوس، سرعان ما أُغلقت الحدود من جديد في صيف 1994، بعد حادث تفجير فندق في مراكش، فرض المغرب على إثره التأشيرة على الجزائريين، وردّت الجزائر بإغلاق الحدود البرية بين البلدين. ومنذ ذلك الحين، ظلّ الإغلاق قائمًا، بل وتفاقمت القطيعة بين البلدين في السنوات الأخيرة، إذ قطعت الجزائر علاقاتها الدبلوماسية مع جارتها الغربية وأغلقت مجالها الجوي على الطائرات المغربية.

واشنطن تدفع بالملف لمنعطف تاريخي؟

جملة ويتكوف لم تكن كافية للكشف عن تفاصيل الوساطة الأمريكية، والصحافية لم تسأله عن المزيد، لكن المراقبين رأوا فيها مؤشرا على الدينامية التي أطلقتها واشنطن في منطقة المغرب الكبير، فواشنطن، الداعمة بقوة لسيادة المملكة على إقليم الصحراء الغربية، لم تتوقف عن الدفع نحو تسوية تقوم حصرياً على مبدأ الحكم الذاتي التي أطلقها المغرب عام 2007. وآخر مؤشر على ذلك، مسودة قرار مجلس الأمن الدولي لعام 2025، التي صاغتها واشنطن، تمثّل تحولاً واضحاً، يعتبر خطة الحكم الذاتي للصحراء تحت السيادة المغربية بوصفه “الحل الوحيد” الموثوق به للنزاع و”الأساس الأكثر واقعية” لأي مفاوضات مستقبلية. المسودة سيصوت عليها مجلس الأمن الدولي نهاية شهر أكتوبر الجاري. وإذا كانت الرباط تُعول على أصوات القوى الغربية الثلاثة دائمة العضوية في مجلس الأمن، فليس من الواضح بعد كيف ستصوت الصين وروسيا على مشروع القرار الجديد.

ترامب يؤكد دعمه لسيادة المغرب على الصحراء الغربية

To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video

تصريح ويتكوف يأتي في سياق مواقف سابقة صدرت عن نفس الدائرة المقربة من الرئيس دونالد ترامب، ولا سيما موقف مسعد بولوس المستشار الرفيع للرئيس الأمريكي لأفريقيا والشؤون العربية والشرق الأوسط. ففي مقابلة بثت في 16 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري على قناة الشرق نيوز، التابعة لمجموعة بلومبيرغ، أكد بولوس، بولوس اعتراف واشنطن بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية وأكد ضمنيا نية الإدارة الأمريكية فتح قنصلية في الإقليم خلال ولاية الرئيس ترامب الحالية.

واشنطن توحي باستعداد الرباط والجزائر للحوار

مستشهداً بآخر خطاب للعاهل المغربي محمد السادس أكد مسعد بولوس “الاستعداد الدائم للمغرب للانخراط في حوار صريح ومسؤول، أخوي وصادق” من أجل تجاوز الخلافات التي تعيق التقارب بين البلدين. وفي ما يتعلق بقضية الصحراء، شدّد بولوس على المقاربة المغربية التي عبر عنها الملك في في نفس الخطاب الذل أكد فيه على مبدأ “الوحدة الترابية للمملكة”، من أجل إيجاد حل “توافقي”، “يحفظ ماء وجه جميع الأطراف”، و”لا يكون فيه لا غالب ولا مغلوب”.

من جهة أخرى، أشار بولوس لانفتاح الجانب الجزائري لفتح صفحة جديدة مع المغرب “نحن نعوّل على النبل والموقف التاريخي لجلالة الملك، وعلى التعاون بين جميع الأطراف المعنية، وعلى رأسها الجزائريون الذين تجمعنا بهم علاقات ممتازة. لقد كنتُ مؤخراً في زيارة إلى الجزائر، وعقدتُ لقاءً ممتازاً مع فخامة الرئيس (عبد المجيد تبون)، وخاصة حول هذا الموضوع تحديداً. هم يريدون حلاً حاسماً ونهائياً، وهم منفتحون على تحسين العلاقات مع جيرانهم، مع المغرب، شعباً وملكاً وحكومةً… نحن اليوم أكثر تفاؤلاً من أي وقت مضى بأن هذا الملف سيجد، إن شاء الله، مخرجاً إيجابياً ومستداماً”، حسب بولوس.

أي تأثير لـ”تحول” الموقف الروسي؟

يعتبر موقف روسيا، الحليف التاريخي للجزائر خلال الحرب الباردة، مهما في قضية الصحراء الغربية، باعتبارها عضوا دائما في مجلس الأمن الدولي. ومنذ عام 2021، شهدت العلاقات الجزائرية الروسية توترًا متصاعدًا لأسباب عديدة نتيجة خطوتين دبلوماسيتين جزائريتين: رفض السماح للأسطول الروسي بالرسو في مرسى الكبير، وتهديد الرئيس تبون بالتدخل عسكريًا في ليبيا ضد حليف موسكو، الجنرال حفتر. ردّت روسيا بإعادة تموقعها الاستراتيجي في المنطقة، خاصة في ليبيا، ثم برفض طلب الجزائر الانضمام إلى مجموعة  بريكس عام 2023، ما كشف عمق الشرخ بين البلدين.

التوترات زادت بين الحليفين التاريخيين بسبب تضارب المصالح في منطقة الساحل الإفريقي، حيث تدعم موسكو النظام المالي، بينما تدعم الجزائر الطوارق. في موازاة ذلك، تتبنى روسيا خطابًا جيوسياسيًا يتقاطع مع الموقف المغربي من قضية الصحراء، ما قد ينذر باعتراف روسي بالحكم الذاتي المغربي. وإذا ما تأكد هذا التوجه، وأضفنا له الحياد الصيني التقليدي، فإن قرار مجلس الأمن الدولي المقبل بشأن الصحراء الغربية قد يكرس التصور المغربي للحل، ويدفع ربما بتحول لجهة انفراج في العلاقات بين الرباط والجزائر.

غير أن الصمت الرسمي للبلدين وتجارب الوساطة الفاشلة في الماضي تدعو للحذر في استخلاص استنتاجات متسرعة سابقة لأوانها.

تحرير: عبده جميل المخلافي


Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى