أخبار العالم

هل يُسقط وقف حرب غزة القضايا المرفوعة أمام المحاكم الدولية؟ – DW – 2025/10/19

بناء على بنود اتفاق وقف إطلاق النار في غزة المدعومة من الولايات المتحدة، سيُحكم القطاع مستقبلاً من قبل حكومة تكنوقراط، ولن يُسمح للسلطة الفلسطينية التي تسيطر على الضفة الغربية المحتلة بالمشاركة في الحكومة حتى تُجري إصلاحات، كما هو موضح في مقترحات مختلفة، بما في ذلك خطة السلام التي قدّمها الرئيس ترامب عام 2020.

في خطة السلام لعام 2020 قالت الولايات المتحدة إنها لن تعترف بدولة فلسطينية إلا إذا أوقفت “الحرب القضائية ضد دولة إسرائيل”، وهو ذاته ما أشار إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن، خلال زيارته الشهر الماضي.

قال نتنياهو إن “الإصلاح الحقيقي” للسلطة الفلسطينية يجب أن يعني “إنهاء الحرب القانونية ضد إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية (ICC)، ومحكمة العدل الدولية (ICJ)”، وهما محكمتان للقانون الدولي تنظران في قضايا ضد إسرائيل.

إسرائيل تواجه عدة قضايا في المحاكم الدولية

تقاضي المحكمة الجنائية الدولية ومقرّها هولندا الأفراد المشتبه في ارتكابهم جرائم حرب، وفي محكمة العدل الدولية في هولندا أيضاً ترفع الدول دعاوى ضد دول أخرى، عادةً بسبب انتهاك المعاهدات أو الاتفاقيات.

في نهاية عام 2023 توجهت جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل الدولية واتهمت إسرائيل بانتهاك اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948، التي اعتمدتها الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية. ومن غير المتوقع صدور قرار في هذا الشأن حتى أواخر عام 2027 على أقرب تقدير.

وهناك قضية أخرى في محكمة العدل الدولية، حيث اتهمت نيكاراغوا ألمانيا بالتواطؤ في إبادة جماعية بسبب دعمها لإسرائيل.

وفي أواخر عام 2024 أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحق نتنياهو ويوآف غالانت وزير الدفاع الإسرائيلي السابق. وُجهت إليهما تهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، رغم عدم توجيه تهمة ارتكاب إبادة جماعية لأي منهما.

كما أصدرت المحكمة مذكرات توقيف بحق ثلاثة من كبار قادة حركة حماس، لكنها أُلغيت بعد مقتلهم. ومن المرجح أن يكون لدى المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف أخرى بحق سياسيين إسرائيليين لم يُعلن عنها بعد.

هل يؤثر وقف إطلاق النار على القضايا المرفوعة ضد إسرائيل؟

في إطار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة يصرّ نتنياهو على انسحاب السلطة الفلسطينية من القضية التي رفعتها في المحكمة الجنائية الدولية. لكن ليست السلطة الفلسطينية وحدها مَن رفعت قضايا في المحاكم الدولية ضد إسرائيل.

وحتى قبل الحرب الأخيرة في غزة كانت قد طلبت السلطة الفلسطينية من المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في الوضع في غزة، وتُعرف هذه الطلبات المُقدمة إلى المحكمة باسم “الإحالات”.

قدمت السلطة الفلسطينية إحالتها المتعلقة بإسرائيل إلى المحكمة الجنائية الدولية عام 2018، وتحقق المحكمة في الوضع منذ عام 2021. يتناول التحقيق الانتهاكات المحتملة منذ عام 2014. وقبل هجوم حماس في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، كان يركز على التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية.

لكن في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2023 انضمت دول أخرى إلى قضية المحكمة الجنائية الدولية، بما في ذلك جنوب إفريقيا وبنغلاديش وبوليفيا وتشيلي والمكسيك، قائلة إن الوضع الذي أبلغت السلطة الفلسطينية المحكمة به في البداية بحاجة إلى التحقيق.

منظمات حقوق الإنسان انضمت أيضاً إلى قضية المحكمة الجنائية الدولية، ففي أواخر سبتمبر/ أيلول 2025 قدمت منظمة مراسلون بلا حدود خمس شكاوى ضد إسرائيل إلى المحكمة الجنائية الدولية، قائلة إن الجيش الإسرائيلي يستهدف الصحفيين الفلسطينيين عمداً.

وفي وقت سابق من شهر أكتوبر، صرّحت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني للصحافة بأنها ووزراء آخرين اتُهموا أيضاً بـ “التواطؤ في إبادة جماعية” في دعوى لدى المحكمة الجنائية الدولية، بسبب تزويد إيطاليا لإسرائيل بالأسلحة.

ما يعني أنه بغض النظر عما ستفعله السلطة الفلسطينية ستستمر القضايا الدولية ضد إسرائيل بسبب مشاركة مدعين آخرين.

هل يعرقل وقف إطلاق النار إثبات مزاعم الإبادة الجماعية؟

من غير المرجح أن يُغيّر وقف إطلاق النار طريقة سير قضايا المحكمة الجنائية الدولية أو محكمة العدل الدولية حسبما أخبر خبراء قانونيون DW. كما أن موافقة إسرائيل على وقف إطلاق النار لا يُبطل المزاعم السابقة.

قال كاي أمبوس، أستاذ القانون الجنائي الدولي بجامعة غوتنغن الألمانية لـ DW: “جميع الإجراءات الممكنة، سواء على المستوى الوطني أو الدولي، لن تتأثر بالتطورات الحالية”.

كما تقترح خطة وقف إطلاق النار المكوّنة من 20 بنداً العفو عن مقاتلي حركة حماس الذين يسلّمون أسلحتهم، ورغم عدم وضوح التفاصيل بعد، قال أمبوس إن أي عفو “لن يكون مُلزماً لأنظمة العدالة الوطنية، مثل النظام الألماني، أو للمحكمة الجنائية الدولية” وسيكون ملزماً فقط بين إسرائيل وحماس.

وأكدت سوزان أكرم، مديرة عيادة حقوق الإنسان الدولية في كلية الحقوق بجامعة بوسطن، أن “وقف إطلاق النار لن يُحدث أي فرق في الملاحقة القضائية أو المساءلة عن الجرائم السابقة التي ارتكبها أي من الجانبين”.

وأضافت أكرم: “من المرجح أن تكون قضايا الأدلة أكثر تعقيداً؛ لأن الأدلة من المحتمل أن تُمحى تحت الأنقاض في غزة، وأن آلاف الفلسطينيين الذين شهدوا الفظائع، بمن فيهم مئات الصحفيين قد قُتلوا”.

ومع ذلك أكدت أكرم أنه تم بالفعل جمع الكثير من الأدلة. لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي خلصت في سبتمبر/ أيلول إلى أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة، لديها قاعدة بيانات خاصة بها، من المرجح أن يتم استخدامها من قبل المحاكم.

وقالت أكرم: “هناك أيضاً قضايا في عدة دول ضد مسؤولين حكوميين أوروبيين بتهمة التواطؤ في الإبادة الجماعية في غزة، بالإضافة إلى طلبات لاعتقال جنود وقادة إسرائيليين مختلفين على جرائمهم في غزة. ولن يتأثر أي من هذه القضايا بوقف إطلاق النار”.

قضايا في المحاكم الألمانية

خلال الأسبوع المقبل تقريباً، سترتفع قضية تقدم المركز الأوروبي للدستور وحقوق الإنسان (ECCHR) ضد الحكومة الألمانية إلى واحدة من أعلى المحاكم في البلاد، وهي  المحكمة الدستورية الاتحادية .

هناك، سيجادل المركز الأوروبي بأن ألمانيا لا ينبغي أن تصدر أسلحة أو مكونات أسلحة إلى إسرائيل.

يوضّح ألكسندر شوارتز، المدير المشارك لبرنامج الجرائم الدولية في المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان أنه “من منظور غير قانوني، من المفهوم أن نسأل عما إذا كانت الحالة الفعلية قد تؤثر على القضية. لكن من الناحية القانونية، فإن وقف إطلاق النار، مهما طالت مدته، لا يغير الأساس القانوني لمطالبتنا”.

وأشار شوارتز إلى أن قضية المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان لا تنظر إلا إلى الحقائق على الأرض حتى يناير/كانون الثاني 2025. بالإضافة إلى ذلك، تنص القواعد الدولية لتجارة الأسلحة أنه يتوجب على ألمانيا إجراء تقييم لمتلقي صادراتها من الأسلحة لمعرفة ما إذا كان هناك أي خطر من استخدام الأسلحة الألمانية في جرائم حرب .

في شهر أغسطس/ آب  علّقت ألمانيا جزئياً الموافقة على صادرات أسلحة  جديدة إلى إسرائيل، لكن منذ إعلان وقف إطلاق النار، صرّح بعض السياسيين الألمان بضرورة رفع هذه القيود.

وقال شوارتز: “بعد عامين من الانتهاكات الإسرائيلية الممنهجة للقانون الإنساني، لا يزال خطر (استخدام الأسلحة الألمانية في جرائم حرب) قائماً. سيستغرق الأمر بعض الوقت حتى تتمكن ألمانيا من تصدير الأسلحة إلى إسرائيل بشكل قانوني مجدداً”.

وأضاف: “جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وكما تُشير لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة، أعمال الإبادة الجماعية، لا تختفي ببساطة بمجرد توقف القتال. وقف إطلاق النار لا يُلغي المساءلة. بل على العكس، يُتيح المجال أمام تحقيق العدالة”.

أعدته للعربية: ميراي الجراح


Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى