أخبار العالم

دور أوروبا في غزة والمنطقة .. “صندوق تمويل” دون تأثير سياسي؟ – DW – 2025/10/16

منذ بدء الحرب في غزة قبل عامين، دعمت أوروبا جهود الوساطة والمفاوضات لإحلال السلام وإعادة إعمار قطاع غزة. بعد جولات مفاوضات عديدة ووساطات إقليمية ودولية تم التوصل إلى اتفاق يقضي بوقف إطلاق النار وبإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين مقابل معتقلين فلسطينيين، وإدخال المساعدات إلى قطاع غزة.

تم الوصول إلى الاتفاق بوساطة عربية وإقليمية ودولية، لكن الدور الرئيسي كان للولايات المتحدة والرئيس دونالد ترامب الذي مارس ضغوطا أيضا، مستخدما نفوذه وعلاقته بإسرائيل ورئيس وزرائها بنيامين نتانياهو. أوروبا أيضا، كان لها نصيبها من جهود الوساطة والمساهمة في نجاح المفاوضات، وتعهدت بالمساهمة في تطبيق الاتفاق وفي إعادة إعمار قطاع غزة.

لكن ما الدور الذي يمكن أن تلعبه أوروبا في المرحلة المقبلة، هل سيقتصر دورها على الدعم المالي، حيث أن الاتحاد الأوروبي هو أكبر مانح للسلطة الفلسطينية، وسيساهم في تكاليف إعادة الإعمار، حيث قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورزولا فون دير لاين، في هذا السياق “سنكون قوة فاعلة ضمن مجموعة المانحين (…) وسنوفر تمويلا من الاتحاد الأوروبي لإعادة إعمار غزة”.

أوروبا وخاصة دول الترويكا، ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، تريد لعب دور قيادي في تشكيل مستقبل غزة وحل النزاع وإحلال السلام في المنطقة. فإلى جانب دورها في تمويل إعادة الإعمار، يمكنها أن تلعب دورا سياسيا في رسم مستقبل القطاع و حل الدولتين  وعملية السلام في المنطقة، كما ترى الباحثة السياسية بمركز جنيف للدراسات في باريس، جيهان أبو زيد، والتي أضافت في حوارها مع DW عربية بأن لأوروبا مصلحة في استقرار المنطقة، إذ أنها تريد “استعادة دورها السياسي والمساهمة في استقرار المنطقة لحماية إسرائيل. والضغط من أجل حل الدولتين أيضا”.

توافق أوروبي أمريكي

وأشارت أبو زيد إلى أن أوروبا تستطيع ان تكون فاعلة في إعادة الإعمار وفي البناء الاقتصادي، وترى “أوروبا أنها فرصة اقتصادية وتنموية، وقد تفتح المجال أمام شركات أوروبية في مجالات البنية التحتية والطاقة والمياه، خاصة بعدما تعهدت بتمويل قد يصل إلى 5 مليار دولار خلال السنوات القادمة”.

إذن الدور الذي يمكن أن تلعبه أوروبا يتجاوز مسألة تمويل إعادة الإعمار، لكن ليكون لها دور ونفوذ سياسي تستطيع ممارسته والاستفادة منه، لا بد أن تكون لديها بعض الأوراق والعوامل التي توظفها من أجل ذلك. في هذا السياق ترى الباحثة السياسية المختصة في شؤون الشرق الأوسط، مها الجمل أن “التحالفات الحالية من مصلحة أوروبا، وطبعا التحالف الحالي مع الولايات المتحدة وتوافق الرؤى والموافق بشأن غزة بين الولايات المتحدة وأوروبا”.

الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والمصري عبد الفناح السيسي مع قادة دول أخرى أثناء التوقيع على اتفاق غزة في شرم الشيخ بمصر 13.10.2025
الآمال معلقة على اتفاق غزة لعودة عجلة السلام إلى الدوران في المنطقة وتحقيق الأمن والاستقرارصورة من: Michael Kappeler/dpa/picture alliance

هذا التوافق بين ضفتي الأطلسي، كان له دور في الدعم الواسع لاتفاق غزة، على عكس التجاذبات وتباين وجهات النظر بين الطرفين بشأن المبادرة الأمريكية لإنهاء حرب أوكرانيا. لكن تباين المواقف الأوروبية والأمريكية في ملفات وقضايا أخرى، لن يؤثر على التوافق بين الطرفين فيما يتعلق باتفاق غزة وعملية السلام في المنطقة، حسب رأي مها الجمل.

ويرى مراقبون أن الأوروبيين يرغبون في لعب دور أكبر في تشكيل مستقبل غزة وحل النزاع. لكن باستثناء رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، لم يتم الإعلان حتى الآن عن أسماء أخرى كأعضاء في ما يسمى بـ “مجلس السلام” الذي سيقوده ترامب ويعمل على وضع تفاصيل خطته ونقاطها العشرين المتعلقة بقطاع غزة.

دور ألماني للاقتصاد والتنمية في غزة

أما بالنسبة لألمانيا وبالنظر إلى التزامها بأمن ووجود إسرائيل، فإنها يمكن أن يكون لها دور أكبر في دعم اتفاق غزة ومساهمتها في عملية السلام وإعادة الإعمار.فقد أشارت تقارير إعلامية ألمانية إلى أن هناك توجه ألماني لدعم الاقتصاد المحلي في غزة من خلال مشاريع صغيرة ومتوسطة، وتشجيع الزراعة والصناعات الخفيفة. هذا بالإضافة إلى  إعادة بناء المؤسسات التعليمية، ودعم التعليم وإعادة الإعمار السكني، خاصة في شمال القطاع.

وقف إطلاق النار في غزة

To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video

وأشارت الباحثة السياسية جيهان أبو زيد في حوارها مع DW عربية إلى أن ألمانيا أعلنت مع الاتحاد الأوروبي عن رغبتها في إقامة “ممر إنساني بحري وجوي لتسريع دخول المساعدات وإرسال بعثة مدنية للمراقبة والإشراف المالي بهدف منع الفساد، وأيضا منع الصراعات ومنع القوى المسلحة داخل غزة من السيطرة على تلك المساعدات”.

ويرى مراقبون أن ما بعد حرب غزة، لن يكون كما قبلها، فالمنطقة تشهد تغييرات وترتيبات جديدة، وسيكون لأوروبا دور فيها. إذ لن يقتصر الدور الأوروبي على غزة وينتهي هناك، بل سيستمر وسيكون الدور الأوروبي في الشرق الأوسط والانخراط في أزماته أكبر من السابق، حيث شهد تراجعا في السنوات الماضية.

وترى الباحثة السياسية المختصة في شؤون الشرق الأوسط، مها الجمل، أنه سيكون لأوروبا دور في ملف إيران النووي، وقضايا الشرق الأوسط الأخرى، وقد “رأينا الدور الفرنسي في لبنان” ووقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، وأشارت الجمل إلى أنه سيكون لأوروبا دور في إعادة إعمار سوريا أيضا.

تحرير: عبده جميل المخلافي


Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى