أخبار العالم

السلام في غزة؟ .. دور ألمانيا في بداية جديدة في الشرق الأوسط – DW – 2025/10/16

لم يتردد المستشار الألماني فريدريش ميرتس (من الحزب المسيحي الديمقراطي) في السفر يوم الاثنين الماضي إلى قمة تضم أكثر من 20 رئيس دولة وحكومة في منتجع شرم الشيخ المصري. وذلك لبضع ساعات فقط ليشارك خلال توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتفاق سلام مفترض في الشرق الأوسط مع رؤساء مصر وتركيا وقطر؛ وليلتقط صورة سريعة مع الرئيس الأمريكي.

وقدّم المستشار تصريحًا قصيرًا أمام الصحفيين من أجل توضيح دور ألمانيا في تشكيل المستقبل خاصةً في قطاع غزة المدمّر. ويجب أن نقول “الدور المحتمل”، وذلك لأنَّ معظم تفاصيل خطة ترامب للسلام المكونة من 20 نقطة ما تزال غير واضحة.

وحتى في الأيام التي سبقت الإفراج الناجح في النهاية عن آخر الرهائن الإسرائيليين الأحياء في قطاع غزة، أوضح ميرتس أنه “لا توجد خطط لنشر جنود ألمان مثلًا ضمن إطار بعثة دولية لحفظ الاستقرار”.

قطاع غزة، خان يونس 2025 - دمار بعد عودة الفلسطينيين
الفلسطينيون يعودون إلى أنقاض بيوتهم في قطاع غزة بعد بدء وقف إطلاق النارصورة من: Doaa Albaz/Anadolu Agency/IMAGO

إذ إنَّ تصور أنَّ الجنود الألمان يمكن أن يواجهوا جنودًا إسرائيليين، في وقت ما في المستقبل، يعتبر تصورا مخيفا بالنسبة للعديد من السياسيين الألمان، مهما كان الأمر يبدو فكرة نظرية.

وبدل ذلك، قال ميرتس: “ألمانيا ستُقدّم مساهمتها. ونحن نرى بشكل خاص التزامنا الإنساني ببذل كل ما في وسعنا في الأيام والأسابيع القادمة من أجل تزويد الناس الذين لا يزالون يعيشون هناك بما يكفي من الرعاية الطبية”. وأضاف أنَّ الناس في غزة يحتاجون الآن بشكل خاص إلى المأوى والماء والمساعدة الطبية.

أموال مجمدة من أجل إعادة الإعمار

وحتى قبل أن يتضح أنَّ خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بدأت تتبلور على الأقل في نقاطها الأولى، بدأ في برلين نقاش صاخب حول ما تنوي الحكومة الألمانية تقديمه الآن. وفي نهاية الأسبوع وعد ميرتس بتخصيص 29 مليون يورو إضافية للمساعدات الإنسانية الفورية. وهذا مبلغ صغير إلى حد ما بالمقارنة مع الاحتياجات.

وقد أعلنت مساء الأحد وزيرة التنمية الألمانية ريم العبلي رادوفان (من الحزب الاشتراكي الديمقراطي) أنَّ ألمانيا يمكنها أن تقدّم على أية حال مبلغًا بمئات ملايين اليوروهات من أجل إعادة الإعمار في غزة. وأضافت أنَّ الأموال موجودة، وأنَّ العديد من البرامج تم تجميدها منذ هجوم حركة حماس الإرهابية على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، أي قبل عامين.

ألمانيا 2025 - ريم العبلي رادوفان في مؤتمر لإعادة توجيه سياسة التنمية
تعهدت وزيرة التنمية الألمانية ريم العبلي رادوفان بتقديم مبلغ بمئات ملايين اليوروهات من أجل غزةصورة من: Michael Kappeler/dpa/picture alliance

وفي يوم الاثنين أيضًا، لم يستطع متحدث باسم الوزيرة أن يحدد بالضبط كم يبلغ حجم هذا المبلغ. والآن تريد الحكومة الألمانية أولًا أن ترسل إلى غزة 50 مسكنا مؤقتًا لنحو 350 شخصًا.

مؤتمر للمانحين من المتوقع عقده في القاهرة

ويبدو من الواضح أنَّ: ألمانيا ربما تعقد بالاشتراك مع مصر مؤتمرًا للمانحين من أجل قطاع غزة، وربما حتى في الأسابيع القادمة وفي القاهرة. لقد تم الاتفاق على هذا أيضًا قبل إطلاق سراح الرهائن، ولكنه أصبح الآن بطبعة الحال أكثر أهمية.

لقد قدمت الحكومة المصرية قبل أسابيع خطة لإعادة إعمار قطاع غزة الساحلي المدمر، وذكرت مبلغًا يبلغ نحو 53 مليار دولار. وهذا المال من المفترض أن يأتي من عدة مصادر: من دول عربية وأوروبية، ولكن ليس من الولايات المتحدة الأمريكية. وقد أوضح دونالد ترامب ذلك خلال زيارته لإسرائيل.

قمة غزة 2025 - المستشار فريدريش ميرتس خلال حديث مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي
المستشار فريدريش ميرتس مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على هامش قمة غزةصورة من: Michael Kappeler/dpa/picture alliance

خلاف حول إرسال الأسلحة إلى إسرائيل

مدى عدم اليقين والغموض الذي يكتنف الأجزاء الأخرى من خطة السلام – مثل نزع سلاح حركة حماس الإسلاموية الإرهابية – يتضح أيضا عند النظر إلى بعض النقاشات داخل الائتلاف الحكومي المكون من المحافظين والاشتراكيين الديمقراطيين في ألمانيا. فقد دعا الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، وهو الحزب الشقيق للحزب المسيحي الديمقراطي، وأصغر الأحزاب الثلاثة في الحكومة، المستشار ميرتس، بعد إطلاق سراح الرهائن، إلى رفع جميع العقوبات والقيود المفروضة على إسرائيل.

ويوم الثلاثاء، قال ألكسندر هوفمان، وهو رئيس كتلة نواب الحزب المسيحي الاجتماعي في البرلمان الألماني (بوندستاغ)، لصحيفة “بيلد”، التي تعد أكبر صحيفة شعبية في ألمانيا: “يجب إلغاء العقوبات، ويجب إلغاء قيود التصدير، وإلغاء تحذير السفر – وكل هذا على الفور”. وكذلك يريد ماركوس زودر، رئيس الحزب المسيحي الاجتماعي، استئناف إرسال الأسلحة إلى إسرائيل.

وكتب زودر على موقع “اكس” للتواصل الاجتماعي: “هناك أمل حقيقي في تحقيق السلام في الشرق الأوسط. وإلى جانب المساعدات لإعادة إعمار غزة، هناك حاجة الآن إلى إعادة توريد الأسلحة إلى إسرائيل. علينا رفع جميع القيود”.

وتابع زودر: “إسرائيل هي الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط. ويجب أن تظل البلاد قادرة على الدفاع عن نفسها ضد التهديدات الوجودية”.

وكان ميرتس قد قرر في 8 آب/أغسطس أنَّ ألمانيا لن ترسل إلى إسرائيل مزيدًا من المعدات العسكرية التي يمكن استخدامها في غزة. وكان السبب حينئذ هو الممارسات القاسية التي قام بها الجيش الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين أيضًا.

وصاغ ذلك بنبرة أقل حدة النائبُ عن الحزب المسيحي الديمقراطي، شتيفن بيلغر بقوله إنَّ استئناف إرسال الأسلحة يمكن النظر فيه أيضًا، إذا استمرت التطورات السلمية. وكما يُسمع في الأوساط السياسية في برلين فإنَّ ميرتس يؤيد مواصلة وقف التصدير حاليًا، مادام الوضع غير واضح. ويدعمه في ذلك الاشتراكيون الديمقراطيون.

ألمانيا تحد من تصدير السلاح لإسرائيل

To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video

ميرتس يريد بسرعة هياكل واضحة في قطاع غزة

المستشار ميرتس يريد أولاً العمل من أجل استغلال الزخم الإيجابي الحالي بعد إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار. وفي هذا الصدد قال يوم الثلاثاء خلال زيارته لبوتسدام عاصمة ولاية براندنبورغ إنه يجب الآن توضيح الأمور بسرعة بالنسبة للمسائل العالقة مثل تشكيل هيكل دقيق للرقابة الدولية على قطاع غزة.

 وأضاف المستشار الألماني: “أنا لا أريد أن نجتمع في المجموعة نفسها مرة أخرى بعد ستة أشهر، ثم نضطر إلى أن نسأل أنفسنا: ما الذي حدث بشكل خاطئ؟ فهذا يجب ألا يحدث”.

وربما كان يقصد ميرتس بذلك الشاغل الرئيسي لدى جميع المراقبين الدوليين وهو الخوف من عدم النجاح في نزع سلاح حماس كما هو موعود.

أعده للعربية: رائد الباش


Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى