أخبار العالم

مكونات غربية في طائرات بوتين بدون طيار.. هل فشلت العقوبات؟ – DW – 2025/10/12

لا تكاد تمر ليلة على أوكرانيا دون أن تتعرض لهجوم جوي مكثف من روسيا. في ليلة الأحد وحدها قُصفت أهداف في عمق الأراضي الأوكرانية بنحو 500  طائرة مسيرة و50 صاروخا. ويبدو أن العديد من هذه الصواريخ تحتوي على مكونات غربية المنشأ. وأشار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى ذلك في خطاب بالفيديو في بداية الأسبوع. ويتعلق الأمر بشرائح دقيقة وأجهزة استشعار ومحوّلات ومكونات أخرى عالية التقنية والتي وجدت طريقها إلى روسيا رغم العقوبات.

وحسب  زيلينسكي تم ضبط أكثر من 100 ألف مكوّن مصنّع في الخارج بعد هجوم الأحد وحده. وتأتي هذه المكونات في الأصل من الولايات المتحدة وألمانيا ولكن أيضا من دول أوروبية أخرى إلى جانب الصين وتايوان.

وانتقد الرئيس حلفاءه الغربيين بشدة: فمعظم هذه المكونات مدرجة على قوائم العقوبات الدولية ولا يجوز تصديرها إلى روسيا. وكتب زيلينسكي على X: “إذا توقفت بعض الدول عن خططها المشينة الواضحة لتزويد روسيا بمكونات مهمة لإنتاج الصواريخ  والطائرات المسيّرة فإن التهديد الروسي سينخفض بشكل كبير”.

أكثر من 70 في المائة من إنتاج رقائق الكمبيوتر في العالم يتم الآن في شرق وجنوب شرق آسيا.
أكثر من 70 في المائة من إنتاج رقائق الكمبيوتر في العالم يتم الآن في شرق وجنوب شرق آسيا.صورة من: picture alliance/dpa

طرق متشابكة على الرغم من العقوبات

“يجب القول إن ضوابط التصدير على العديد من هذه السلع قد فُرضت منذ  بداية الهجوم الروسي الكبير أي منذ ربيع عام 2022″، يوضح بنجامين هيلغنستوك، خبير العقوبات في كلية كييف للاقتصاد. “وقد تم تشديدها لاحقا وتوسيع نطاقها لتشمل مجموعات منتجات أخرى ولكنها في الأساس موجودة طوال فترة هذه الحرب”.

وأقرّ الاتحاد الأوروبي وحده في المجموع 18 حزمة عقوبات ضد روسيا خلال السنوات الثلاث ونصف الماضية. وفي يوليو 2025 فقط شدد الاتحاد الأوروبي بشكل كبير حظر التصدير على ما يسمى بالسلع ذات الاستخدام المزدوج وهي المنتجات التي يمكن استخدامها لأغراض مدنية وعسكرية على حدّ سواء.

ومع ذلك “لا تزال هذه المكونات تصل إلى روسيا بطرق متعرجة”، كما يقول هيلغنشتوك. في معظم الأحيان يتورط في ذلك عدد كبير من الوسطاء مثلا في الصين والإمارات العربية المتحدة وتركيا وكازاخستان أو دول القوقاز. “في كثير من الحالات تبيع شركة غربية مكوناتها بشكل قانوني تماما إلى شريك تجاري في بلد آخر. والأخير بدوره يبيعها إلى آخر وهكذا دواليك حتى تصل في النهاية إلى شخص يبيعها إلى روسيا ويشحنها إليها”.

السلع أصبحت أكثر تكلفة وأقل توفرا وأسوأ جودة: العقوبات المفروضة على روسيا أثرت بشكل واضح، كما يرى بنجامين هيلغنستوك.
السلع أصبحت أكثر تكلفة وأقل توفرا وأسوأ جودة: العقوبات المفروضة على روسيا أثرت بشكل واضح، كما يرى بنجامين هيلغنستوك.صورة من: YURI KADOBNOV/AFP/Getty Images

إمكانيات وصول محدودة

مشكلة معروفة منذ فترة طويلة ولهذا السبب بدأ الاتحاد الأوروبي بالفعل في فرض عقوبات على الوسطاء في الدول الثالثة الذين يبيعون المنتجات إلى روسيا. لكن: “هذا بالطبع لعبة القط والفأر، لأنه من السهل نسبيا إنشاء وسيط جديد على بعد ثلاثة أبواب في نفس الممر”، كما يوضح بنجامين هيلغنستوك. وقد قام هو وزملاؤه بالفعل في يناير 2024 بتحليل العديد من نقاط الضعف في نظام العقوبات الدولي في دراسة.

ومما يزيد الأمر تعقيدًا “أن العديد من هذه الأجزاء لا تُنتج في الغرب. قد تكون من إنتاج شركات غربية ولكنها غالبا ما تُصنع في مصانع خارجية في جنوب شرق آسيا. وبالتالي فإن هذه المكونات لا تمر ماديا في أي وقت من الأوقات عبر أراضي الاتحاد الأوروبي”. وهذا يجعل من المستحيل تقريبا على سلطات مراقبة الصادرات الأوروبية مثل الجمارك التحقق من مسارات تصدير هذه المكونات.

عدة نقاط ضعف، ولكن لا يوجد فشل

يوفر هذا النظام لروسياثغرات كبيرة للحصول على السلع التي تحتاجها بشدة بالرغم من جميع الحظر المفروض عليها. ويقول هيلغنشتوك أن ذلك لا يعني أن العقوبات لا تعمل بشكل جيد، لكن “لا يمكن أن نتوقع أن نمنع تصدير كل شريحة كمبيوتر إلى روسيا”. “لكننا نعلم أن روسيا تدفع الآن أسعارا أعلى بكثير من أي دولة أخرى في العالم مقابل هذه القطع. وهذا في حد ذاته نجاح لأنه يعني أن روسيا تحصل على سلع أقل وكثيرا ما تكون أقل جودة مقابل نفس المال مع مدة انتظار أطول”.

رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو ونظيره المجري فيكتور أوربان ليسا الوحيدين اللذين يعيقان فرض عقوبات أكثر صرامة على روسيا.
رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو ونظيره المجري فيكتور أوربان ليسا الوحيدين اللذين يعيقان فرض عقوبات أكثر صرامة على روسيا.صورة من: Omar Havana/AP Photo/picture alliance

ومع ذلك لا تزال هناك فرص لتحسين تطبيق هذه العقوبات. على سبيل المثال يجب أن يتحمل مصنعو هذه السلع مسؤولية أكبر في مراقبة شبكات التوزيع الخاصة بهم والتأكد من عدم وصولها  إلى روسيا. “في المجال المالي مثلا هناك متطلبات محددة للغاية منذ عدة عقود فيما يتعلق بغسل الأموال أو تمويل الإرهاب”، يوضح بنجامين هيلغنستوك. “وقد أدى ذلك إلى قيام البنوك العاملة دوليا باستثمار موارد كبيرة في آليات الرقابة الداخلية لمعرفة مع من تتعامل ومن يقف وراء شركائها. وعلينا أن نصل إلى نفس النقطة هنا. لكن هذه عملية تستغرق وقتا طويلا”.

خاصة وأن مثل هذا التشديد يتطلب إرادة سياسية. “ببساطة لا يوجد توافق حقيقي على  المستوى الأوروبي للمضي قدما في هذا الاتجاه”. ولا يقتصر الأمر على “المشتبه بهم المعتادين” أي المجر أو سلوفاكيا الذين يعارضون تشديد نظام العقوبات. “هناك دول أخرى من بينها ألمانيا لا توافق بالضرورة دائما على فرض واجبات إضافية على الشركات”، يقول هيلغنشتوك، مقراّ بوجود “ثغرات يمكن سدها”. 

أعده للعربية: م.أ.م


Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى