أخبار العالم

خطة ترامب للسلام في غزة.. غموض بنّاء أم هدام؟ – DW – 2025/10/14

يتفق الخبراء على أن أدق توصيف لخطة وقف إطلاق النار التي رعتها الحكومة الأمريكية في غزة هي الغموض. وترى بعض الأطراف ومنهم الوسطاء أن هذا الغموض كان متعمداً، بل كان ضرورياً لدفع الطرفين، حركة حماس والحكومة الإسرائيلية اليمينية، للموافقة على الخطة. بينما يرى آخرون بأن الغموض يعني أن هناك الكثير مما يجب التفاوض عليه بعد، كما أن عدم الوضوح هذا قد يؤدي إلى عودة القتال في غزة.

واعتبر هيو لوفات، الباحث في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية” ECFR، لـ DW أن “اتفاق إسرائيل وحماس على المرحلة الأولى من خطة وقف إطلاق النار يُعدّ خطوة أولى مهمة”. مشيرا إلى أنه “من السابق لأوانه الحديث عن السلام، ولا تزال هناك قضايا ومخاوف جوهرية تحتاج إلى معالجة”.

وأوضح المتحدث أن “مفتاح نجاح وقف إطلاق النار، يكمن في إمكانية تنفيذ الخطط فعلياً والتزام كلا الجانبين بالتزاماتهما”. مضيفاً “أن مسائل مثل نزع السلاح في غزة، وقوة الاستقرار الدولية المقترحة، والضمانات الدولية، ونوايا الحكومة الإسرائيلية على المدى الطويل، لا تزال قيد النقاش”.

هل ستنسحب إسرائيل بالكامل؟

يبلغ طول قطاع غزة 41 كيلومتراً، وعرضه 10 كيلومترات، وبعد عامين من الصراع، أعلن الجيش الإسرائيلي سيطرته على معظم القطاع الساحلي.

تنص اتفاقية السلام التي رعاها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على أن إسرائيل لن تسيطر على غزة أو تضمها، وأن على القوات الإسرائيلية الانسحاب في حال إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين. وتشير التقارير إلى أن القوات الإسرائيلية انسحبت جزئياً خلال الأيام القليلة الماضية، وأُطلق سراح الرهائن الباقين على قيد الحياة يوم الاثنين.

يقتصر الانسحاب العسكري الأولي على ما يُسمى “الخط الأصفر”، وهو خط حدودي داخل غزة. وعند هذا الخط، لا يزال الجيش الإسرائيلي يسيطر على حوالي نصف القطاع.

وفقاً لخطة السلام، سيتراجع الجيش الإسرائيلي مسافة أبعد بعد استيفاء شروط أخرى. وسيصل إلى “خط أحمر” بمجرد نشر “قوة استقرار دولية”. ثم، بمجرد أن تخضع غزة لسيطرة سلطة انتقالية جديدة، سينسحب مسافة أبعد. لم يُحدد أي جدول زمني في الخطة، لذا من غير الواضح متى سيحدث كل ذلك.

وبعد الانسحاب النهائي ستعود القوات الإسرائيلية إلى المنطقة العازلة بين إسرائيل وغزة، والتي كانت قائمة منذ أوائل القرن الحادي والعشرين. تُجادل إسرائيل بأن هذه المنطقة العازلة ضرورية لأمنها، وقد وسّعتها على مدى عقدين.

كانت المنطقة العازلة تبعد 300 متر عن الحدود، ولكن في اتفاق وقف إطلاق النار المُبرم في يناير/كانون الثاني 2025، حُدّدت المنطقة بأنها ستصير “على عمق يتراوح بين 700 و1100 متر داخل غزة”، وفقا لما ذكرته منظمة “غيشا” Gisha الإسرائيلية غير الربحية، التي تُدافع عن حرية حركة الفلسطينيين. يُمثّل هذا حوالي 17% من مساحة قطاع غزة، ويؤدي إلى تدمير دائم للتجمعات السكانية ومنع الوصول إلى الأراضي الزراعية، وفقا للمنظمة.

ما هي “قوة الاستقرار الدولية”؟

ينص البند 15 من خطة السلام على أن الولايات المتحدة ستتعاون مع شركاء عرب ودوليين لنشر “قوة الاستقرار دولية” ISF في غزة. ستعمل هذه القوة مع إسرائيل ومصر لتأمين حدود غزة، كما ينبغي أن تُدرّب وتدعم قوة شرطة جديدة.

لكن خبراء في “مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية” CSIS، وهو مركز أبحاث مقره في واشنطن، كتبوا نهاية الأسبوع الماضي: “إن إنشاء قوة استقرار دولية من شركاء عرب وعالميين يواجه عقبات كبيرة. ما لم يكن هناك دعم واضح من العناصر الفلسطينية على الأرض بما في ذلك حماس، التي تعارض الفكرة، فمن الصعب تصور أي قوات عربية مستعدة للانتشار على الأرض”.

وصرح متحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية للصحفيين بأن بلاده مستعدة للمساهمة في قوة أمن دولية، بينما صرحت ألمانيا بأنها ستقدم دعماً مالياً لكنها لن تشارك بجنود في القوة.

من جهتها، طرحت مصر فكرة إشراك قوات أمريكية، وفي اجتماع عُقد في مصر يوم الاثنين، ضم دبلوماسيين ورؤساء حكومات لمناقشة وقف إطلاق النار، صرّح وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي لشبكة CNN الأمريكية قائلا: “نحتاج إلى قوات أمريكية على الأرض”. وقد وصل بالفعل نحو 200 جندي أمريكي إلى إسرائيل للمساعدة في إنشاء “مركز تنسيق مدني-عسكري”. وتشير التقارير إلى أنهم لن يدخلوا غزة.

ماذا عن مستقبل حماس؟

تشير تقارير إعلامية إلى أن حماس تستعيد بالفعل السيطرة على الأمن في قطاع غزة. وتشير التقارير إلى أن مقاتلي حماس يقاتلون جماعات أخرى داخل غزة، يُزعم أن بعضها ارتكب جرائم مثل نهب المساعدات، وبعضها الآخر مدعوم من إسرائيل.

على متن الطائرة المتجهة إلى إسرائيل، صرّح ترامب للصحفيين بأن حكومته منحت حماس “موافقة مؤقتة” على القيام بذلك لتجنب مشاكل اجتماعية أكبر في القطاع المدمر.

تتحدث خطة السلام عن “نزع سلاح غزة” بالكامل، لكنها تفتقر إلى التفاصيل. أشار مراقبون إلى عدم وجود معايير محددة لكيفية نزع السلاح، أو أي إطار زمني لذلك. وهذا يتيح لكل من إسرائيل وحماس خيارات للمماطلة. وهو ما جعل الخبير هيو لوفات، الباحث في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية” ECFR، يرى أن إسرائيل قد تتجنب الانسحاب إلى الخط الأحمر حتى يتم “نزع السلاح بالكامل”، لكن لا أحد يعرف كيف سيتحقق ذلك.

وكتب لوفات في تحليل نُشر في وقت سابق من هذا الشهر: “حتى لو قبلت قيادة حماس مطلب إسرائيل بنزع السلاح، فمن المرجح أن يرفض العديد من مقاتليها تسليم أسلحتهم، وقد ينشقون إلى جماعات أكثر تشدداً”.

ويشير مراقبون آخرون إلى أن حماس أكثر من مجرد حركة مسلحة، بل إنها أيضا حزب سياسي ذو أيديولوجية قائمة على مقاومة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ومن المرجح أن يستمر وجودها كقوة سياسية.

ومن ضمن بنود خطة السلام قيام دولة فلسطينية وحق تقرير المصير. لكن، مجدداً، لا توجد تفاصيل حقيقية حول كيفية تحقق ذلك، وأن تحييد أيديولوجية حماس “يتطلب التزاماً إسرائيلياً أكبر بالانسحاب من غزة والانخراط في مفاوضات سلام إسرائيلية فلسطينية”، حسب هيو لوفات.

مسلحون من حماس يقفون في الحراسة بينما تتجه مركبات اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي تنقل الرهائن الإسرائيليين المفرج عنهم نحو الحدود الإسرائيلية في خان يونس، جنوب قطاع غزة، الاثنين 13 أكتوبر/تشرين الأول 2025.
على الرغم من الخسائر التي تكبدتها حماس خلال الصراع، فإن مسؤولين في الاستخبارات الأميركية يقدرون أن حماس ربما نجحت في تجنيد ما بين 10 آلاف إلى 15 ألف مقاتل جديد.صورة من: Jehad Alshrafi/AP Photo/picture alliance

من يضمن الالتزام بخطة السلام؟

يتفق معظم المحللين على أنه نظرا لقلة تفاصيل خطة السلام المكونة من عشرين نقطة، يجب على جهة ما أن تتولى تحويلها إلى فعل ملموس على الأرض.

وكتب خبراء من مركزي أبحاث “مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية” CSIS و”المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية” ECFR، في مجلة “الفورين أفيرز” الأسبوع الماضي: “لتهدئة جناحه اليميني وضمان بقائه السياسي، قد يميل نتنياهو إلى استئناف الحرب على حماس بمجرد إطلاق سراح الرهائن. ولكسر هذه الديناميكية بشكل حقيقي، ستحتاج الولايات المتحدة إلى ممارسة ضغط مستمر على إسرائيل”.

لكن إميل حكيم، المحلل البارز في “المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية” IISS، اعتبر في مقال له في صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية هذا الأسبوع، أنه “قد تتعثر الخطة إذا سئمت الولايات المتحدة، أو إذا انجذبت مرة أخرى إلى المتشددين الإسرائيليين”.

أعدته للعربية: ماجدة بوعزة




Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى