أخبار العالم

“ألمانيا قد تفقد مصداقيتها كمدافعة عن نظام عالمي أكثر عدلا” – DW – 2025/10/7

 

DW عربية: لماذا يشير العديد من النقاد في انتقادهم سياسة ألمانيا تجاه  إسرائيل  بعد هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 إلى تصريح للمستشارة السابقة  أنغيلا ميركل: “أمن إسرائيل ‘مصلحة وطنية عليا‘ بالنسبة لألمانيا”؟

كريستوف رويتر: توصلت  ألمانيا  إلى نتيجتين أساسيتين من الإبادة الجماعية التي ارتكبتها الديكتاتورية  النازية: ضمان حماية الحياة اليهودية، وبذلك أيضًا حماية وجود  إسرائيل. وكذلك أن تكون من أهم الداعمين لمواصلة تطوير وتطبيق المعايير القانونية الدولية، وأن تكون كذلك وبشكل أساسي جزءًا من نظام عالمي قائم على القواعد. وذلك لكي لا يتكرر شيء مثل  الهولوكوست، في أي مكان.

ومبدأ  المصلحة العليا للدولة  هو مصطلح من العصر الميكافيلي، ويعني الأولوية المطلقة لمصالح الدولة، ومصالح الحكام، من دون مراعاة للقانون. وهذا لم يكن ملاحظًا لفترة طويلة. ولكن منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 أصبح التناقض واضحََا بشكل متزايد: فحكومة بنيامين نتنياهو  تخوض – رسميًا من أجل أمن إسرائيل – حربًا في غزة يصفها خبراء القانون الدولي وحتى الأصوات الإسرائيلية والأمم المتحدة بأنَّها  إبادة جماعية. وبهذا تواجه ألمانيا خيارًا خطيرًا: فإذا حافظت على ولائها بثبات لهذه الحكومة الإسرائيلية، فإنَّها تخون بذلك مبادئها القانونية.

ألمانيا، برلين 2025 - أكثر من 100 ألف متظاهر في مظاهرة "كل العيون على غزة"
شارك في برلين أكثر من مائة ألف شخص في مظاهرة “كل العيون على غزة” من أجل إنهاء الحرب صورة من: Stefan Frank/Middle East Images/AFP/Getty Images

رد الحكومة الألمانية على انتقاد سياستها الداخلية (المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، والرموز الفلسطينية، إلخ) يؤكد على انتشار معاداة السامية. فما مدى صحة هذه الحجج؟

عندما يُرفض أي انتقاد لحرب إسرائيل في  غزة  تلقائيًا باعتباره معاداة للسامية، فهذا يعني ضمنيًا أنَّ الحياة اليهودية في ألمانيا تتطابق مع سياسة الحرب التي تتبعها الحكومة الإسرائيلية. وهذا ليس صحيحًا. وهذا خاطئ تمامًا مثل الاتهام الذي يكرره السياسيون الإسرائيليون منذ عقود بأنَّ جميع خصومهم الفلسطينيين نازيون. هذه المحاولات الرامية إلى نزع الشرعية عن الاحتجاجات ضد سياسات إسرائيل الحالية ستجعل المعركة الضرورية ضد معاداة السامية في ألمانيا أكثر صعوبة.

تبرّر الحكومة الألمانية تحفظاتها على الاعتراف بدولة فلسطينية بحجة أنَّ هذه الخطوة يجب أن تكون نتيجة المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، وليس قبلها. فما رأيك في هذه الحجة؟ وفي المقابل: ما الذي يجب على الحكومة الألمانية فعله في الوضع الراهن؟

لنلقي نظرة واقعية إلى الوراء على الفترة الأخيرة الممتدة لنحو ثلاثة عقود منذ اتفاقيات أوسلو: فخلال المفاوضات التي لا تنتهي ومع استمرار الاستيلاء على الأراضي في الضفة الغربية، لم يقترب الفلسطينيون من إقامة دولة خاصة بهم، بل ابتعدوا عن ذلك أكثر من أي وقت مضى.

ألمانيا - كريستوف رويتر
كريستوف رويتر صحفي ألماني وخبير في شؤون الشرق الأوسطصورة من: Christoph Reuter/DW

وبناءً على ذلك فإنَّ حجة المفاوضات أولًا غير صحيحة. ومن غير الواضح تمامًا كيف يمكن إقامة دولة فلسطينية في الوضع الحالي بالرغم من حكومة إسرائيل وأغلبية سكانها. ولكن مع ذلك يجب على الحكومة الألمانية الانضمام إلى فرنسا والدول الأخرى التي اعترفت بفلسطين كدولة، وتحدد بذلك على الأقل توجهها السياسي بوضوح.

صورة ألمانيا في العالم العربي تضررت كثيرًا بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023. برأيك ما الذي يجب فعله لتحسينها؟

لقد حاولت الحكومتان الألمانيتان [السابقة والحالية] طمس التناقض بين الالتزام تجاه إسرائيل وتجاه معايير القانون الدولي التي تنتهك بشكل واضح وعلى نحو متزايد، وذلك من خلال إعرابها مرارًا وتكرارًا عن قلقهما ودعوتها إلى مزيد من الحماية للمدنيين، وهذا لم يُكلّفهما أي شيء سياسيًا.

تحفظ ألماني إزاء فرض عقوبات أوروبية على إسرائيل.. ماذا وراءه

To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video

ولكن المشاركة في فرض عقوبات واضحة، واحترام الأحكام وأوامر الاعتقال الصادرة عن المحاكم الدولية، وتعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، والوقف الفوري لصادرات الأسلحة إلى إسرائيل – كل هذا لم يحدث حتى الآن. وفي النهاية، يجب على الحكومة الألمانية، ويجب على ألمانيا أن تقرر ما هو الأهم: القانون الدولي أم المصلحة العليا للدولة كشيك على بياض لحكومة  بنيامين نتنياهو.

وإذا كانت المحاكم والمعايير القانونية التي تم تأسيسها بعناية على مدى عقود من الزمن لم تعد تنطبق على دولة ما في قضية واضحة مثل حرب غزة، فإنَّها في نهاية المطاف لن تنطبق على أي أحد. وستفقد ألمانيا مصداقيتها كمدافعة عن نظام عالمي أكثر عدلًا.

 

كريستوف رويتر: صحفي ألماني وخبير في شؤون الشرق الأوسط. وهو مراسل لمجلة دير شبيغل الألمانية في الشرق الأوسط (بيروت)، ومراسل حربي ومؤلف كتب.

 

أعده للعربية: رائد الباش


Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى