أخبار العالم

بعد عامين من الحرب.. ماذا بقي من سلطة حماس وقوتها العسكرية؟ – DW – 2025/10/6

بعد عامين من بدء إسرائيل حملتها العسكرية ضد حماس في غزة، يقول مراقبون إن الحركة ضعفت وتلقت ضربة قوية، لكنها لم تُهزم بالكامل بعد.

فحسب مراقبين، لم تُهزم حماس بعد، رغم التفوق العسكري الكبير للجيش الإسرائيلي، سواء فيما يتعلق بالتسليح أو العتاد العسكري، ورغم إصرار القادة الإسرائيليين على تحقيق “النصر الكامل”.

وفي مقابلة مع DW، قالت مارينا ميرون، الباحثة في قسم دراسات الحرب في كلية “كينغز كوليج” بلندن، إن حماس “قد واجهت جملة من الانتكاسات العسكرية، لكنها ما زالت قادرة على إعادة تنظيم صفوفها، فضلا عن أنها تحتفظ بهيكل القيادة والسيطرة”.

وقبل اندلاع الحرب الحالية، ذهبت التقديرات إلى أن حماس كانت تمتلك ما بين 25 إلى 30 ألف مقاتل. وخلال العامين الماضيين، أفادت مصادر أمنية إسرائيلية بأنها قتلت ما بين 17 إلى 23 ألفا من هؤلاء المقاتلين، لكن الجيش الإسرائيلي لم يقدم أدلة موثوقة على هذه الأرقام.

ويعتقد مراقبون أن العدد الحقيقي للقتلى في صفوف المسلحين قد يكون أقل بكثير من الأرقام التي توردها المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.

الرهينة الأمريكي الإسرائيلي كيث سيغل (01-02-2025)
في فبراير/شباط الماضي، سلمت حماس رهائن إسرائيليين إلى الصليب الأحمر في سابع عملية تبادل.صورة من: Mohammed Hajjar/AP/picture alliance

“قُتلوا أو ربما قُتلوا”

وبعد مرور عام على اندلاع حرب غزة، أفادت بيانات مركز الأحداث وموقع النزاع المسلح (أكليد)، ومقره الولايات المتحدة، في تقرير صدر في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2024، بأن “تقارير الجيش الإسرائيلي المفصلة عن حصيلة مقتل عناصر مسلحة، والتي تتضمن معلومات دقيقة عن الفترات الزمنية والمواقع والعمليات، تشير إلى نحو 8500 حالة”.

وأضاف التقرير أن “هذا الرقم يشمل أيضا عناصر من جماعات مسلحة أخرى، وربما أعضاء من حماس غير المنخرطين في القتال”. وفي هذا السياق، أكدت قاعدة بيانات إسرائيلية سرية، نقلتها وسائل إعلام بريطانية وإسرائيلية، هذه المعلومات. وأظهرت أنه حتى مايو/ أيار الماضي، فإن نحو 8900 مقاتل مُسجل بالاسم من حماس والجهاد “لقوا حتفهم” أو “يُحتمل أن يكونوا قد لقوا حتفهم”.

وبناءً على ذلك، فإن أكثر من 80 بالمئة من بين أكثر من 66 ألف قتيل في غزة هم من المدنيين.

هل تستطيع إسرائيل تدمير حماس حقا؟

To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video

تجنيد بالآلاف

أشار مركز أكليد إلى أن حماس ربما قامت بتجنيد المزيد من المقاتلين خلال العامين الماضيين. وفي وقت سابق من العام الجاري، نقلت رويترز عن مسؤولين في الاستخبارات الأمريكية قولهم إنهم يعتقدون أن الحركة قد تكون جندت ما بين 10 آلاف إلى 15 ألف عنصر جديد.

وفي مقال نشرته مجلة “فورين أفيرز” في أغسطس/ آب الماضي، كتبت ليلى سورات، الباحثة في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في باريس، أن ثمة مؤشرات “بما في ذلك على منصات التواصل الاجتماعي، تفيد بانضمام أعداد متزايدة من الشباب الفلسطينيين غير المدربين سابقا إلى كتائب القسام والمشاركة في عمليات حرب عصابات”.

ويقول مراقبون إن من مصلحة الطرفين المبالغة في تضخيم قوة حماس.

فقد نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن المحلل محمد الأسطل، المقيم في جنوب غزة، قوله إن حماس ترى أن ذلك يبعث برسالة لإظهار قوتها خلال مفاوضات وقف إطلاق النار. وأضاف أن إسرائيل ترى تصوير حماس كخصم خطير قد يُستخدم “كذريعة لتدمير القطاع وتهجير سكانه”.

ورغم الجدل بشأن العدد الحقيقي لقتلى حماس، فإن هذا لا ينفي حقيقة مفادها أن إسرائيل قتلت معظم قادتها العسكريين البارزين، ولم يتبقَ سوى قائد واحد من المجلس العسكري الذي كان قائما قبل هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الثاني عام 2023.

يذكر أن حركة حماس هي جماعة فلسطينية إسلاموية مسلحة تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية.

نازحون في غزة (29-09-2025)
منذ منتصف أغسطس/ آب الماضي، شن الجيش الإسرائيلي موجة جديدة من القصف على مدينة غزة، وأصدر أوامر إجلاءصورة من: Jehad Alshrafi/AP Photo/picture alliance

تكتيكات حرب العصابات

وفي تقريره، كشف مركز أكليد أن حماس عمدت خلال العامين الماضيين إلى تغيير أساليبها القتالية، إذ باتت تعمل بشكل يتسم باللامركزية، حيث تعتمد بشكل متزايد على تكتيكات حرب العصابات، مثل شن هجمات الكر والفر أو نصب كمائن باستخدام المتفجرات، بدلا من الاشتباك المباشر مع الجنود الإسرائيليين.

وقد انخفض عدد الهجمات الصاروخية التي تشنها حماس على إسرائيل بشكل كبير، بحسب مسؤولين إسرائيليين. وأفاد هؤلاء المسؤولون بأن جُل ترسانة حماس الصاروخية قد جرى تدميرها.

ورغم ذلك، فقد تمكن عناصر حماس من إطلاق صاروخين في سبتمبر/ أيلول الماضي، بل نفذوا هجمات معقدة ضد جنود إسرائيليين، من بينها عملية في خان يونس في أغسطس/ آب الماضي، استخدم فيها مقاتلو حماس أسلحة ثقيلة، بل حاولوا خطف جنود.

وقال مراقبون إنه في مناطق غزة التي أعلن الجيش الإسرائيلي أنه “طهرها”، فقد عاد ظهور مجموعات صغيرة من حماس. ورجحوا أن جزءا من شبكة أنفاق حماس ما زال قائما.

وخارج قطاع غزة، تشير أدلة إلى أن حماس قد كثفت نشاطها في الضفة الغربية المحتلة بعد هدوء نسبي دام 15 عاما، رغم أن جماعات فلسطينية مسلحة أخرى لا تزال في طليعة أعمال العنف في الضفة.

ماذا عن إدارة غزة المدنية؟

وفي ظل هذا الجدل الدائر حول إمكانيات حماس الحالية، يطرح مراقبون تساؤلا مفاده: إلى أي مدى لا تزال حماس تسيطر على غزة؟

فحماس التي تدير قطاع غزة منذ عام 2007، تمتلك “كتائب القسام”، التي تمثل جناحها العسكري الذي يخوض القتال ضد الجيش الإسرائيلي. بيد أنها أيضا مسؤولة عن إدارة الشؤون المدنية في غزة، بما في ذلك المستشفيات والشرطة وحتى خدمات النظافة.

ويقول بعض المراقبين إن الذراع المدني لحماس قد أقدم على التكيف مع الظروف الحالية عبر تشكيل قوة شرطة بزي مدني، ونظام غير رسمي لدفع الرواتب نقداً للموظفين الحكوميين.

لكن هذا الوضع يبدو أنه في طور التغيير؛ إذ تم دفع رواتب الموظفين من أموال احتياطية كانت حماس قد خزنتها لحالات الطوارئ. بيد أنه يُعتقد أن هذه الأموال بدأت تنفد.

وفي هذا السياق، قال مركز أكليد إن الجيش الإسرائيلي كثف عملياته لاستهداف أفراد ومنشآت مرتبطة بإدارة حماس، بما في ذلك البلديات وقوات الشرطة، بهدف إضعاف سيطرة الحركة المدنية على القطاع. ففي أواخر سبتمبر/ أيلول الماضي، أفاد مسؤول في إحدى وكالات الإغاثة لصحيفة “الغارديان” بأنه لم يتلقَ أي اتصال من حماس منذ مارس/ آذار الماضي، وأنه يتعامل حاليا مع مجموعات مجتمعية أخرى.

وقال محللون في “مجموعة الأزمات الدولية” إن عددا من الفلسطينيين أفادوا بأن مسؤولي حماس باتوا يغيبون بشكل متزايد عن أداء المهام العامة، بما في ذلك العمل الشرطي. ويُعزى ذلك جزئيا إلى فوضى القصف، وأيضا خشية الاستهداف المباشر من قبل إسرائيل للبُنى الإدارية التابعة للحركة”.

حماس لا زالت قادرة على القتال والسيطرة في غزة

To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video

حماس “أولوية البقاء”

وفي مقابلة حديثة مع “بي بي سي”، قال ضابط سابق في جهاز الأمن الداخلي بغزة إن حماس فقدت السيطرة على معظم مناطق القطاع، مشيرا إلى أن عصابات إجرامية وبعض العشائر شرعت في ملء الفراغ الأمني. وأضاف الضابط السابق أن المجتمع في غزة قد انهار تماما.

يُشار إلى أن حماس تواجه في الوقت الراهن منافسة متنامية في الداخل الغزاوي؛ إذ أفادت تقارير بأن إسرائيل عززت دعمها لمجموعات مناهضة للحركة داخل القطاع.

وكشفت التقارير عن أسماء بعض هذه المجموعات، منها ما يُعرف بـ “القوات الشعبية”، التي ارتبط بعض أفرادها بتهريب المخدرات ونهب المساعدات. وتشير التقارير إلى أن زعيم هذه الميليشيا، ياسر أبو شباب، يحاول تنسيق جهود جماعات مسلحة أخرى للعمل ضد حماس.

ويتفق العديد من المراقبين على أن القضاء الكامل على حماس غير ممكن، وأن إضعافها قد يكون أقصى ما يمكن لإسرائيل تحقيقه في إطار إستراتيجية “النصر الكامل“.

وفي تقرير صدر في سبتمبر/ أيلول الماضي، أفاد مركز أكليد بأن “حماس أعطت الأولوية للبقاء على حساب المواجهة المباشرة”. وأضاف التقرير أن هذا النهج “يتماشى مع رؤية الحركة التي تعتبر أن مجرد البقاء هو شكل من أشكال الانتصار”.

وفي مقابلة مع DW، قال هانز-ياكوب شيندلر، الخبير في المركز الدولي لمكافحة الإرهاب، إن “حماس تمثل أيديولوجية، ولا يمكن القضاء على الأيديولوجية. ما يمكن تحقيقه ينحصر في تقليص قدراتها العسكرية والإرهابية فقط”.

أعده للعربية: محمد فرحان


Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى